= يعتبر الخط العربي من مرتكزات الحضارة العربية الإسلامية، كونه الشكل العام للكتابة باللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، فقد اكتسب أهمية خاصة اتصفت بالقدسية، وجعلت منه حالة فنية اعتمدها الفنانون على مدار تاريخه، وما زال إلى الآن يلقى اهتماماً عربياً وإسلامياً، لأنه داخل في مفاصل العمارة والفنون الجميلة، حتى صار من الدلالات الهامة للحضارة الإسلامية.
= ويعد الخط العربي أهم مساهمة أنجزتها الحضارة العربية والإسلامية حيث الحروف العربية هي حروف كتاب العرب المقدس القرآن الذي تفننوا في صياغة آياته بأسلوب تزييني زخرفي ومع مرور الزمن تحول ما كانوا ينقشونه في المساجد والقصور وعلى شواهد القبور إلى فن بات للحرف فيه غاية جمالية تضاف له
= ويذكر المؤرخون العديد من الأسماء الفنية، التي برزت وشكلت الريادة في التعامل مع الخط وإتقانه، كالإمام علي بن أبي طالب والخليل بن أحمد، وحديثاً ذُكِرَ موسى الحلبي ومصطفى السباعي وغيرهم ، ومن الذين أدخلوا الخط في التشكيل الفني مع الاحترافية الفنان علي الكفري ومحمد حسام الدين
= إن الخط العربي المرتبط بالفكر والعقيدة، يحمل في بنيته أصداء انطباعية وتعبيرية من خلال خصائص حروفه ومعانيه، وهي بحد ذاتها إعجاز لغوي في لغة القرآن، لم يدركها المفسرون ولا الباحثون، وقد شد هذا الخط الفنانين الأوربيين من ناحية شكله، وعند البعض في الشكل والمعنى أيضاً، وقد أثر الخط العربي في جوهر الفن الأوروبي وحركته وموسيقاه، وعاش هذا الخط في المنشآت الغربية المعمارية، خاصة في فرنسا وإيطاليا، كما دخل في الأبحاث التشكيلية
= وقد استخدم بعض الفنانين في لوحاتهم، عبارات فنية في القواعد الخطية باستخدام الكلمات المقدسة في الترتيبات التي يوظف معها الألوان والحركة، وهنا ترتبط الجملة المقدسة بالمعنى مع التشكيل الفني.
= ومن الفنانين القدماء من استخدم أحرفاً غير مترابطة، بحيث لا يوحي شكل اللوحة بأنها حرف، وقد تأخذ أشكالاً أخرى، توحي للمشاهد أنها على شكل وجه. ومن هذا الاتجاه يطل علينا الحرف بقيمة ذاتية وله استقلاليته، وكأنه مقروء بشكل تعايشي وله مكونات أخرى للعمل الفني
= وهناك إشكالات تعترض هذا الفن مثل التراث والمعاصرة من خلال تقصي تجارب وآراء العديد من الحروفيين العرب الذين تراوحت آراؤهم بين التقليد القائم على الرصانة والمحافظة على الجمالية الخاصة للحرف العربي المتمثلة بالانتظام والتوازن والبساطة والزخرفية في اللوحة والبعيدة عن التأثيرات الحداثية التي تبناها آخرون والقائمة على التجريد والتلوين واللعب الحر بإمكانات الخط لتقديم اللوحة الحروفية كتشكيل بصري منفتح على كل تجديد مثل إضافة عناصر تشكيلية متنوعة للحروف أو إدخال وتوظيف الخط في تشكيلات لوحاته الأخرى
= ومن الإشكالات المطروحة دخول التقنية وكيف يمكن أن يؤثر سلبا أو إيجابا في خاصية التشكيل الحروفي العربي فالبعض رأى أن معالجة الحرف في الحاسوب يمكن أن تضفي لمسات تعطي اللوحة الخطية مؤثرات بصرية شيقة بينما أغلبهم رأوا أن هذه التقنية تلغي شخصية الخطاط لأن برامج التصميم الموجودة في الحاسوب من صنع أناس أغراب عن روح الحروف العربية فلا يمكن لها أن تتجاوب مع الكثير من التفصيلات التي يمكن للمرسومات الحروفية اليدوية أن تلتقطها.
= وهذه دعوة لكل المبدعين من الخطاطين لتوظيف مهاراتهم ومواهبهم وخبراتهم ومعرفتهم في سبيل الوصول إلى حدائق تليق بفن الخط العربي، وتعيد إليه ألقه وتجدده وحيويته ومكانته المميزة بين الفنون الجميلة.
