رابطة النهر الخالد
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي
في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً
يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ
لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً
يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي
كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ
بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ
إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً
طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
رابطة النهر الخالد
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي
في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً
يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ
لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً
يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي
كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ
بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ
إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً
طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
رابطة النهر الخالد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اللغة العربية...الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد الحصري




عدد المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 21/12/2011

اللغة العربية...الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض  Empty
مُساهمةموضوع: اللغة العربية...الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض    اللغة العربية...الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض  Emptyالأحد يناير 27, 2013 1:04 pm



تعلُّم اللُّغة العربيَّة مِن الدِّين؛ لأنَّ في تعلُّمها سلامةً مِن تحريف التلاوة لكتاب الله العظيم، وفي معرفتها إدراكٌ لمعاني الكَلِم العربيِّ، ومُجيدُها حين ينطق يُصغِي إليه السامعون، ويعجب به العارفون، ومَن جَهِلها تعثَّر في كلامه، واشمئزَّ المثقَّفون من لحْنِه وأخطائه، ولاموه على نَصْب نفسه لمكانة ليس مِن أهلها، ولارتقاء مِنبرٍ لم يكن من فرسانه، ومِن تطفُّله على الكتابة وهو عِيٌّ فيها، جاهل بأصولها وقواعدها.



ضجر من "أن":

كتب أبو غسَّان رفيع بن سلمة تلميذُ أبي عبيدة المعروف بدماذ إلى أبي عثمان النحْوي:

وَفَكَّرْتُ فِي النَّحْوِ حَتَّى مَلِلْتُ
وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي لَهُ وَالْبَدَنْ وَأَتْعَبْتُ بَكْرًا وَأَصْحَابَهُ
بِطُولِ الْمَسَائِلِ فِي كُلِّ فَنّْ فَمَنْ عِلْمُهُ ظَاهِرٌ بَيِّنٌ
وَمَنْ عِلْمُهُ غَامِضٌ قَدْ بَطَنْ فَكُنْتُ بِظَاهِرِهِ عَالِمًا
وَكُنْتُ بِبَاطِنِهِ ذَا فِطَنْ خَلاَ أَنَّ بَابًا عَلَيْهِ العَفَا
ءُ لِلْفَاءِ يَا لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ وَلِلْوَاوِ بَابٌ إِلَى جَنْبِهِ
مِنَ الْمَقْتِ أَحْسَبُهُ قَدْ لُعِنْ إِذَا قُلْتُ هَاتُوا لِمَاذَا يُقَا
لُ لَسْتُ بِآتِيكَ أَوْ تَأْتِيَنْ أَجِيبُوا لِمَا قِيلَ هَذَا كَذَا
عَلَى النُّصْبِ قَالُوا لِإِضْمَارِ أَنْ وَمَا أَنْ رَأَيْتُ لَهَا مَوْضِعًا
فَأَعْرِفُ مَا قِيلَ إِلاَّ بِظَنّْ فَقَدْ خِفْتَ يَا بَكْرُ مِنْ طُولِ مَا
أُفَكِّرُ فِي أَمْرِ "أَنْ" أَنْ أُجَنّْ



قصة النحو:

روى عاصمٌ، قال: جاء أبو الأسود الدؤلي إلى زِياد بن أبيه، وكان يُعلِّم أولادَه، وقال: إني أرى العربَ قد خالطتْ هذه الأعاجم، وفسدتْ ألسنتُها، فأذَنْ لي أن أضعَ للعرب ما يعرفون به كلامَهم، فقال زياد: لا تفعل، قال: فجاء رجلٌ إلى زياد، فقال: أصلح الله الأمير، تُوفِّي أبانا وترك بنون، فقال زياد: توفِّي أبانا وترك بنون! ادعوا لي أبا الأسود، فلمَّا جاءه قال له: ضعْ للناس ما كنتُ نهيتُك عنه، ففعل، وقيل: إنَّ الذي أمره بذلك عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه.



حضر مجلسَ الكسائيِّ أعرابيٌّ وهم يتحاورون في النحو، فأعجبَه ذلك، ثم تناظروا في التصريف، فلم يهتدِ إلى ما يقولون ففارقَهم، وأنشأ يقول:

مَا زَالَ أَخْذُهُمُ فِي النَّحْوِ يُعْجِبُنِي
حَتَّى تَعَاطَوْا كَلاَمَ الزِّنْجِ وَالرُّومِ بِمَفْعِلٍ فَعِلٍ لاَ طَابَ مِنْ كَلِمٍ
كَأَنَّهُ زَجَلُ الْغِرْبَانِ وَالْبُومِ



لغة الدِّين:

اللُّغة العربية - لغة القرآن والدِّين - لم تزلْ في ازدهار وانتشار، مع ما أُريدَ لها من تَحَطُّم وتلاشٍ مِن قِبل أعداء الإسلام، وهي لُغة واسعة، فيها جمال التركيب، وطلاوة الأسلوب، ونَصاعة البيان، ودقائق المعاني، وهي اللُّغة الشاعرة التي يزداد بها المرءُ شغفًا كلما تعمَّق فيها ودرس خصائصها، ارتضتها شعوبٌ كثيرة، وفضَّلتْها على لغاتها الأصلية، ورأتْ ذلك مجدًا لها وشرفًا، وحُقَّ لها ذلك.



ألقاب الملوك:

ذكر السيوطي في كتابه "الكنز المدفون والفلك المشحون" نقلاً عن صاحب "بستان الجامع لتاريخ الزمان": "إنَّ ملوك التُّرْك يقال لهم: الخاقانية، وملوك الدَّيْلم يقال لهم: الكاسيانية، وملوك الفُرْس يقال لهم: الأكاسِرة، وملوك الرُّوم يقال لهم: القياصرة، وملوك الأنباط يقال: لهم النمارِدة، وملوك العَرَب يقال لهم: التبابعة، وملوك القِبْط يقال لهم: الفَراعِنة، وملوك الصِّين يقال لهم: البغايرة، قيل: ومَن مَلَك الحبشةَ يقال له: النجاشي، وكلُّ مَن ملك اليمن يقال له: مأرب".



فروق:

الفرْق بين الجود والسماحة والسخاء: أنَّ الجودَ الإنفاقُ بطيب النفس فيما يَعظُم خطرُه ونفعه، وهو ضدُّ النذالة، والسماحة التجافي عمَّا يستحقُّه المرء عندَ غيره بطِيب نفس، وهو ضدُّ الشكاسة، والسخاء سهولةُ الإنفاق، وتجنُّب اكتساب ما لا يُحمَد، وهو ضدُّ التقصير.



قال الثعالبي في فقه اللغة:

"فصل في جَمْع الفِعل عندَ تقدُّمه على الاسم:

ربَّما تفعل العربُ ذلك؛ لأنَّه الأصل، فتقول: جاؤوني بنو فلان، وأكلوني البراغيث، وقال الشاعر:

رَأَيْنَ الْغَوَانِي الشَّيْبَ لاَحَ بِعَارِضِي
فَأَعْرَضْنَ عَنِّي بِالْخُدُودِ النَّوَاضِرِ



وقال آخر:

نَتَجَ الرَّبِيعُ مَحَاسِنًا
أَلْقَحْنَهَا غُرُّ السَّحَابِ

وفي القرآن: ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [الأنبياء: 3]، وقال - جلَّ ذِكْرُه -: ﴿ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ ﴾ [المائدة: 71]".



أسماء السيوف المشهورة:

قال السيوطي: أسماء السيوف المشهورة في الجاهلية والإسلام المعدودة التي كان أربابُها يَفخَرون بها، ويعتمدون عليها في الحروب.



أمَّا سيوفه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهي: المخذم، رسوب، قلعي، الحتف، البتَّار، ذو الفَقار، القضيب، المأثور، العضب.



وأمَّا ما عداها: فالعطشان، ولول، الهذلول، الأخيرب، النزيف، الغمر، السحاب، اللحج، الملأ، المرسب، الأدلف، القرطبي، ذو القرط، ذو الراحة، اليابس، ذو الحيات، المغلوب، ذو النون، الصمصامة، المحز، المرهف، الأفل، الجو، القرين، المقوم، السنان، الكلب، البحر، الليل، الخطير، القرن، القلزم، التمثال، القبل، القرضاب، الحجاب، الملواح، ذو الخرصين، المسنون، الباتل، الحت، الهجوم، الأزرق، اللياح، العرافر، ذو الوشاح، الغريف الباتر، الصقل، ذعلوق، ذو الكهف.



قال السيوطي: فهذه السيوف المشكورة التي كانت تُخيَّر على الأنفس في زمانها، ولو شِئْنا لعزوْناها لأربابها، ولكن خِشينا أن يسأمَه المطالِع.



فائدة في العام والخاص:

قال الثعالبي: البُغْض عامّ، والفَرَك فيما بين الزوجَيْن خاصّ، التَّشَهي عام، والوَحَم للحُبلى خاص، النظر إلى الأشياء عام، والشَّيْم للبرق خاص، الاجتلاءُ عام، والجلاء للعروس خاص، الغسل للأشياء عام، والقصارة للثَّوْب خاص، الغسل للبدن عام، والوضوء للوجه واليدين خاص، الحَبْل عام، والكَرُّ للحَبْل الذي يُصعَد به إلى النخل خاص، والصُّراخ عام، والواعية على الميِّت خاص، العَجُز عام، والعجيزة للمرأة خاص، الذَّنَب عام، والذناب للفرس خاص، التحريك عام، والإنغاض للرأس خاص، الحديث عام، والسَّمر باللَّيْل خاص، والسير عام، والإدلاج والسُّرى بالليل خاص، النوم في الأوقات عام، والقيلولة نصف النهار خاص، الطلب عام، والتوخِّي في الخير خاص، الهرب عام، والإباق للعبيد خاص، الحَزْر للغلاَّت عام، والخَرْص للنخل خاص، الخِدمة عامَّة، والسَّدانة للكعبة خاص، الرائحة عامَّة، والقُتَار للشِّواء خاص، الوكر للطير عام، والأَدْحي للنعام خاص، العَدْو للحيوان عام، والعَسَلان للذِّئْب خاص، الظَّلْع لِمَا سوى البشر عام، والخَمْع للضَّبُع خاص.



قال أبو عبيدة: لا يُقال كأس إلاَّ إذا كان فيها شراب، وإلاَّ فهي زجاجة، ولا مائدة إلاَّ إذا كان عليها طعام، وإلاَّ فهي خِوَان، ولا قلم إلاَّ إذا بري، وإلاَّ فهي قصة.



مميزات اللغة العربية:

قال الثعالبي في فقه اللغة:

لا يقال: نَفَق إلا إذا كان له منفذ، وإلاَّ فهو سِرْب، ولا يقال: عِهْن إلاَّ إذا كان مصبوغًا، وإلاَّ فهو صوف، ولا يقال: لحمٌ قديد إلاَّ إذا كان محالجًا بتوابل، وإلاَّ فهو طبيخ، ولا يقال: خدر إلاَّ إذا كان مشتملاً على جارية مخدرة، وإلاَّ فهو ستر، ولا يقال: مغول إلاَّ إذا كان في جوف سَوْط، وإلاَّ فهو مِشْمَل، ولا يقال: رَكِيَّة إلاَّ إذا كان فيها ماء قلَّ أو كَثُر، وإلاَّ فهي بئر، ولا يقال: مِحْجَن إلاَّ إذا كان في طرفه عُقَّافة، وإلاَّ فهو عصا، ولا يقال: وقود إلاَّ إذا اتَّقدت فيه النار، وإلاَّ فهو حطب، ولا يقال: سَيَاع إلاَّ إذا كان فيه تِبن، وإلاَّ فهو طين، ولا يقال: عويل إلاَّ إذا كان معه رفْع صوت، وإلاَّ فهو بكاء، ولا يقال: مُورٌ للغبار إلاَّ إذا كان بالرِّيح، وإلا فهو رَهَج، ولا يقال: ثرى إلاَّ إذا كان نديًّا، وإلا فهو تراب، ولا يقال: مَأزِق ومأقِط إلاَّ في الحرب، وإلاَّ فهو مَضِيق.



ولا يقال: مُغلغَلة إلاَّ إذا كانت محمولة من بلد إلى بلد، وإلاَّ فهي رسالة، ولا يقال: قراح إلاَّ إذا كانت مهيأة للزِّراعة وإلا فهي بَرَاح، ولا يقال للعبد: آبِق إلا إذا كان ذَهابه من غير خوف ولا كدِّ عمل، وإلاَّ فهو هارب، ولا يقال لماء الفم: رُضاب إلاَّ ما دام في الفم، فإذا فارقه فهو بُزاق، ولا يقال للشجاع: كَمِيٌّ إلاَّ إذا كان شاكي السِّلاح، وإلاَّ فهو بطل.



يهجو النحويين:

كان أحدُ الأدباء قد قال أبياتًا استعمل فيها كلمة مزعوج فقيل له: لا يقال: مزعوج، إنما يقال: مزعج، فقال يهجو النحويين:

مَاذَا لَقِينَا مِنَ الْمُسْتَعْرِبِينَ وَمِنْ
قِيَاسِ نَحْوِهِمُ هَذَا الَّذِي ابْتَدَعُوا إِنْ قُلْتُ قَافِيةً بِكْرًا يَكُونُ بِهَا
بَيْتٌ خِلاَفَ الَّذِي قَاسُوهُ أَوْ ذَرَعُوا قَالُوا لَحَنْتَ وَهَذَا لَيْسَ مُنْتَصِبًا
وَذَاكَ خَفْضٌ وَهَذَا لَيْسَ يَرْتَفِعُ وَخَرَّصُوا بَيْنَ عَبْدِاللَّهِ مِنْ حُمُقٍ
وَبَيْنَ زَيْدٍ فَطَالَ الضَّرْبُ وَالْوَجَعُ كَمْ بَيْنَ قَوْمٍ قَدِ احْتَالُوا لِمَنْطِقِهِمْ
وَبَيْنَ قَوْمٍ عَلَى إِعْرَابِهِمْ طُبِعُوا مَا كُلُّ قَوْلِيَ مَشْرُوحًا لَكُمْ فَخُذُوا
مَا تَعْرِفُونَ وَمَا لَمْ تَعْرِفُوا فَدَعُوا لِأَنَّ أَرْضِيَ أَرْضٌ لاَ تَشُبُّ بِهَا
نَارُ الْمَجُوسِ وَلاَ تُبْنَى بِهَا الْبِيَعُ



قال أبو الأسود الدؤليُّ لأبي علقمة: ما حالُ ابنك؟




قال: أخذتْه الحُمَّى فطبختْه طبخًا، ورضختْه رضخًا، وفتختْه فتخًا، فتركته فرخًا، قال: فما فعلت زوجتُه التي كانت تشاره وتهاره وتماره وتزاره؟ قال: طلَّقَها فتزوجتْ بعدَه فحظيتْ وبَظِيت، قال: فما بظَيِتْ؟ فقال له: حرْف مِن الغريب لم يبلْغك، فقال: يا ابنَ أخي، كلُّ حرفٍ لا يعرفه العرب، فاسترْه كما تستر السِّنَّورُ خِراءتَها!!



وقَفَ نحويٌّ على زجَّاج فقال: بكم هاتانِ القنينتان، اللَّتان فيهما نكتتان خضراوتان؟ فقال الزجَّاج: مدهامتان فبأي آلاء ربكما تكذبان!



سُئِل بعضُ الوعَّاظ: لِمَ لا تنصرف "أشياء"؟ فلم يفهمْ ما قيل له، ثم سكت ساعة، فقال: أنت تسأل سؤالَ الملحِدين؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ ﴾ [المائدة: 101]!!



أوَّلُ لحن سُمِع بالبادية: هذه عصاتي، وأوَّل لحن سُمِع بالعراق: حي على الفلاح.



قال عبدالملك بن مرْوان: اللَّحْن هجنة على الشريف، والعُجْب آفةُ الرأي.



المعاجم:

قال الزبيدي في "تاج العروس"[1]:

"فإنَّه جمع فيه - أي: في القاموس - ستِّين ألف مادة، زاد على الجوهري بعشرين ألف مادَّة، كما زاد عليه ابنُ منظور الإفريقي في "لسان العرب" بعشرين ألف مادَّة، ولعلَّ المصنِّف لم يطلعْ عليه، وإلاَّ لزاد في كتابه منه، وفوق كلِّ ذي عِلم عليم".



وقال الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار في مقدمة "تهذيب الصحاح"[2] حيث قال:

"هذه اللُّغة الكريمة التي نتحدَّث بها ونكتب، زاخرةٌ بثروة لُغويَّة لا حدَّ لها، ولا قدرة لأحد على إحصائها إحصاءً دقيقًا شاملاً مضبوطًا؛ لأنَّ هذه الثروةَ من العِظم بحيث يضطرب في خِضمِّها عشراتُ الألوف من المواد، التي لا يدور منها على ألسنتنا وأقلامنا إلاَّ جزء يسير لا يعدو العشر أو أقل من العشر بكثير، وما زاد عن ذلك فمنسيٌّ أو مهجور".



نعم، إنَّ أكثر اللُّغة العربية غيرُ مستعمل، ونكاد نجزم بأنَّ ما يُستعمل منها لا يزيد عن عشرةِ آلاف مادَّة، مع أنَّ تاج العروس للزَّبيدي يحوي عشرين ومائة ألف مادة، فيها من الدخيل ولغة السواد كثير، فإذا كان ما يُوثَّق بعربية مائة ألف كان ما يُستَعمل أقلَّ من العُشر أيضًا؛ لأنَّ في هذا العُشْر كلمات دخيلة.



ونستدلُّ من هذا على أنَّ اللُّغة العربيَّة غنيَّة جِدُّ غنية بالمفردات اللغويَّة، وهي مع غناها العددي لم تضِقْ في ماضيها عن تجارِب الإنسان وخواطره، وكلِّ حاجاته وعلومه، وفنونه وآدابه، بل اتَّسعت لروافد الحضارة، والعلوم غير المعروفة عندَ العرب في أزهى العصور الإسلامية، إلاَّ أنَّ المتأخرين جمَّدوا اللغة، حتى اتهمها كثيرٌ من المعاصرين بأنَّها لا تتسع لِمَا تزخر به حضارةُ القرن العشرين ومصطلحاته العلميَّة.



وهذا الاتهام ليس كلُّه صحيحًا، فالعربيةُ مَرِنة تتسع لكلِّ حاجات الإنسان، مهما كثُرتْ هذه الحاجات، فخصائص هذه اللُّغة كالاشتقاق، وقبول التعريب، وغير ذلك ممَّا يُعين على أن تفتحَ صدرَها لاستقبال ما يحتاج إليه الناطقون بها، وضمه إليها، والإذاعة بين الناس حتى ينتشر.



إنَّ لغتنا جِدُّ غنية بالمفردات، وفي وسعِنا أن نفيد من هذه الكثرة الكاثرة، ونحرص على سلامتها، فطبيعة العربيَّة طبيعة حيَّة سهلة مَرِنة، وهي لا تضيق بالجديد إذا لَبِس رداءها الجميل، أو أحسن المقام في جوارها، فهي في جاهليتها لم تضِق بالتعريب، ثم لَمَّا جاء الإسلام اتَّسعتْ للمعاني الجديدة التي أكسبها الإسلامُ كلماتٍ كثيرةً في صميمها كانت تستعمل في غير ما استعمله، مثل الصلاة والزكاة والصوم، والمؤمن والمسلم والكافر، والمنافق والفاسق.



♦ كان أبو علقمة النحْويُّ من المتقعرين في الكلام، بعث مرة غلامًا له، وقال: خذْ مِن غريمنا هذا كفيلاً، ومن الكفيل أمينًا، ومن الأمين زعيمًا، ومن الزعيم غريمًا، فقال الغلام للغريم: مولاي كثيرُ الكلام، فمعك شيء؟ فأرضاه وخلاَّه، فلمَّا انصرف قال: يا غلام، ما فعل غريمنا؟ قال سقع، قال: ويلك ما سقع؟ قال: بقع؟ قال: ويلك وما بقع؟ قال: استقلع؟ قال: ويلك ما استقلع؟ قال: انقلع؟ قال: ويلك ولِمَ طوَّلتَ عليَّ؟ قال: منك تعلمت.



♦ قَدَّم رجلٌ من النحْويين رجلاً إلى السلطان في دَيْن له عليه، فقال: أصلح الله الأمير، لي عليه درهمان، فقال خصمُه: لا والله، أيُّها الأمير، إنْ هي إلا ثلاثة دراهم، ولكنه لظهور الإعراب تَرَك من حالِه درهمًا.



♦ قال رجل لزياد: أيُّها الأمير، إنَّ أبينا مات، وإنَّ أخينا غصبنا على ميراثنا مِن أبانا، فقال زياد: ما ضيعتَ من نفسك أكثرُ مما ضاع من ميراث أبيك، فلا رحم الله أباك حيث تَرَك ابنًا مثلك.



دعوات مشبوهة:

بين وقت وآخرَ تطلع دعواتٌ مشبوهة، وأصوات نشاز، تُنادي بهجْر اللُّغة العربية، والاستعاضة عنها بالعامية، ودَعَا أقوام من تلامذة الغَرْب إلى استعمال الحروف اللاتينيَّة، زاعمين أنَّها أكثرُ ضبطًا، وقال بعض الأدعياء: إنَّ مِن الأفضل أن يرجعَ كلُّ أهل قُطر إلى إحياء اللُّغات المندثِرة من قبطية وأشورية وفينيقية، وهلمَّ جرًّا، ورأى أناس يدعون التحرر والتقدُّم أن يأخذ كل أهل بلد باللهجة العامية فيه، وألاَّ يكلفوا أنفسهم عناءَ تعلم اللغة العربية والتحدُّث بها ساخرين ممن يعرفها، ويتحدَّث بها، وهكذا تتكاثر عواملُ الهدم بقدر تكاثر مذاهب الإلحاد وفروعه، والدعوات الباطلة، ولكنَّهم جميعًا خاسرون، وعن مرامهم خائبون، وستنتصر اللغة العربية كما انتصر الإسلام، وتذهب صيحات المغرورين هباءً.



خصائص اللغة العربية:

قال السيوطي في "المزهر" في ذكر خصائص اللغة العربية:

منها: أنَّها أفضلُ اللغات وأوسعها، قال ابن فارس في "فقه اللغة": لُغة العرب أفضلُ اللغات وأوسعها، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾[الشعراء: 192- 195]، فوصفه - سبحانه - أبلغَ ما يوصف به الكلام، وهو البيان، وقال تعالى: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 3 - 4]، فقدَّم - سبحانه - ذِكْرَ البيان على جميع ما توحَّد بخلقه، وتفرَّد بإنشائه: من شمس وقمر، ونجم وشجر، وغير ذلك من الخلائق المحكَمة، والنشايا المتقنة، فلمَّا خصَّ - سبحانه - اللسانَ العربيَّ بالبيان عُلِم أنَّ سائر اللغات قاصرةٌ عنه، وواقعة دونه.



الرشيد وسهل بن هارون:

دَخَل سهل بن هارون على الرشيد وهو يُضاحِك المأمون، فقال: اللهمَّ زدْه من الخيرات، وابسُطْ له من البركات، حتى يكون في كلِّ يوم من أيَّامه مُرْبِيًا على أمسه، مقصرًا عن غده، فقال له الرشيد: يا سهلُ، مَن روى من الشِّعر أحسنَه، ومِن الحديث أفصحَه وأوضحه، إذا رام أن يقول لم يُعجزه القول؟ فقال سهلٌ: يا أميرَ المؤمنين: ما ظننت أنَّ أحدًا تقدمني إلى هذا المعنى، قال: بل أعشى همذان حيث يقول:

رَأَيْتُكَ أَمْسِ خَيْرَ بَنِي لُؤَيٍّ
وَأَنْتَ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكَ أَمْسِ وَأَنْتَ غَدًا تَزِيدُ الْخَيْرَ ضِعْفًا
كَذَاكَ تَزِيدُ سَادَةَ عَبْدِ شَمْسِ





♦ قال أبو حيان التوحيدي في كتابه "مثالب الوزيرين":

ورأيتُ ابن عبَّاد يومًا يقول لابن أبي هشام: لا تقلْ: حَرِجت نفسه، إنَّما الحرج للصدر، قال الله تعالى: ﴿ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ ﴾ [الأعراف: 2]، فقال له: فأين أنت من قول الله – تعالى -: ﴿ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ﴾ [النساء: 65]، فعَرِق جبينُه خجلاً، وكان ذاك سببَ إعراضِه عن هذا الشيخ، وانقلابه عنه بالحِرمان.



وقال أبو حيَّان أيضًا في كتابه المذكور: وقال في بعض الليالي: الاقترافُ لا يكون إلاَّ في القبيح، أمَا سمعت الكلام الذي هو كالمثل: الاعتراف يمحو الاقتراف، فقال له مقرئ قد حضر: التنزيل يأبَى هذا الحكم، وينطق بغيره، قال: وما ذاك؟ قال: قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ﴾ [الشورى: 23]، فخزي وقام.



رأي خاطئ:

قرأت في إحدى الصحف المحليَّة كلامًا ظنَّ كاتبُه أنَّه قد أصاب، وأتى بما لم تأتِ به الأوائل والأواخر، فقد هاجم العلماءَ الذين يتناقشون في مسائلَ فرعيَّة، ورأيه أنَّ هناك أمورًا في العقائد ومقاومة الإلحاد والشيوعية أولى بالرد، أمَّا الفروع فرأيه عدم النقاش فيها.



ونحن معه في شيء، ولكنَّا نخالفه في أشياء، ونحن نتَّفق معه في خطر الإلحاد والشيوعيَّة، ووجوب مقاومتها، ولكنَّا لسنا معه في مهاجمة العلماء والاستخفاف بهم.



ولسنا معه في أنَّ مسائلَ الفروع ينبغي عدمُ الخوض فيها في الوقت الحاضر، ذلك أنَّه لو تُرِك الخوضُ في مسائل الفروع والمناقشة فيها لكانَ معناه الإعراض عن أكثرِ ما جاءتْ به الشريعة الإسلاميَّة، فالإسلام يحتوي على أصول وفروع، ووجود مذاهبِ الهدم لا يعني عدم التحدُّث في غيرها، إنَّ العالِم الذي انتقد الكاتب مؤلَّفًا جديدًا له يردُّ به على كتاب أتى صاحبُه فيه برأي غريب مخالِف لِمَا سار عليه السلف، وما دلَّت عليه الأدلة، ودحض الشبه التي أوردها ليس بخطأ، وليس تصرُّفه ممَّا يُعاب، بل هو مِن القيام بالواجب في تبيان الأحكام الشرعيَّة، والرد على أخطاء أو غلط أو وهم، ومِن الطريف أن يوجِّه العلماءَ مَن ليس عالِمًا - بل قل: مِن المضحك المبكي - وأن ينقدَهم مَن لا يعرف عمَّاذا يتحدَّثون؟ وفي أيِّ شيء يتناقشون؟




ذم التكلف في المخاطبات:

قال أبو حيان التوحيدي في "مثالِب الوزيرين":

وجرى يومًا حديثُ المخاطبات عندَ القاضي أبي حامد المروزي، والترتيب فيها، وامتعاض الناس من التصارُف الجاري بين أهلها فقال: سبب هذا كلِّه إحساسٌ بنقصهم القائم بهم، وطلب دفْع ذلك بالترتيب، ونفيه بالخطاب، وليس الطريقُ إلى ذلك هذا، بل الطريق إليه الأخْذُ بأخلاق مَن سلف من الحياء والكَرَم والدِّين والمروءة.



وانظر إلى السلف الصالح كيف كانوا، هل خاطبوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلاَّ بيا رسول الله، وبعد فهل يُخاطَب ربُّنا إلاَّ بالتاء وإلا بالكاف؟ وهل سمعت عبدًا لله قد أخلص دِينَه له قال: إن رأى ربُّنا فعل بعبده كذا وكذا، وهل الخير كلُّه إلاَّ فيما خصَّ الله به نبيَّه وأمته، وأشاع فيهم حكمته وبركته؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اللغة العربية...الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النحت في اللغة العربية
» ظاهرة التقاء الساكنين في اللغة العربية
» اللغة العربية لسان وكيان
» أسباب ضعف المعلم في اللغة العربية
» علاج ضعف المعلم في اللغة العربية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رابطة النهر الخالد :: علوم :: علوم اللغة العربية :: حصريات-
انتقل الى: