طبعا كان فيه العديد من العلماء العرب المشهورين فى المجال ده، لكن انا النهارده هتكلم عن أشهر علماء الهندسه على الإطلاق ... عن من لقب ب (أبو الهندسه الحديثه) و لقب أيضا ب (رائد الهندسه الميكانيكيه) ... و ذلك لأنه أول من إستخدم و طور كلا من الهندسه الميكانيكيه و الهندسه الهيدروليكيه (إستخدام السوائل، الماء بالأخص، فى المحركات الهندسيه و لتوليد الطاقه) ..
نتكلم عن العالم بديع الزمان أبي العز إسماعيل بن الرزاز الشهير بـالجزري.
وقد تم إطلاق لقب الجزري عليه لأنه من أبناء الجزيرة التي تقع بين دجلة والفرات.
كان أبو الجزرى يعمل فى بلاط حكام و سلاطين ديار بكر أعالى بلاد الرافدين (الواقعه الاّن فى تركيا) و بالتالى فإن الجزرى أمضى العديد من السنوات، تقارب ال 25 عاما، يعمل و يبدع "برعاية حكامها" ... و هناك أهدى العالم جميع إكتشافاته، حتى إن أشهر كتب الجزرى على الأطلاق "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" تمت كتابته هناك و بأمر من السلطان (نور الدين محمد ).
هو كتاب يعد موسوعه شامله فى علم الهندسه، و ظل مرجعاً من مراجع الهندسه الميكانيكيه لقرون طويله من بعده، و هنتكلم عنه و نعرفه كمان شويه. و كمان هنعرف أشهر إختراعاته على الإطلاق و هى (ساعة الفيل) الشهيره.
تاريخ ميلاد الجزرى بالتحديد غير معروف .. لكن المعروف إنه بدء العمل تحت قيادة ملوك ديار بكر منذ العام 570 هجرى – 1174 ميلادى لمدة تقترب من ال 25 عام ... و توفى عام 1206 ميلاديا و عاش خلال القرن السادس الهجرى.
تعالوا نشوف اهم إنجازات الجزرى بسرعه علشان نتكلم عن الكتاب و مدى براعته فى تصنيع الساعات .. و طبعا لازم نتكلم عن (ساعة الفيل ) و أهم إختراعاته :-
- المضخة ذات الأسطوانتين المتقابلتين وهي تقابل حاليا المضخات الماصة والكابسة.
- النواعير (دولاب بيصدر صوت شديد عند إستخدامه و هى فكره شبيه إلى حد كبير بالمواتير المعروفه حاليا) و هدفه رفع الماء عن طريق الاستفادة من الطاقة المتوفرة في التيار الجاري في الأنهار.
- مضخة الزنجير والدلاء، وهو نوع من آلات السقوط ... وهذه الآلات تعطي مردود حركي بفضل سقوط الماء على المغارف، وتحتاج عادة مثل هذه الألات إلى رفع منسوب الماء عن طريق سدود أو مصادر مائية أخرى ... و بالتالى فينسب إليه فضل إستخدام الطاقه الهيدروليكيه فى توليد طاقه و بالتالى حركه من خلال إستخدام المياه .
• صناعة الآلات ذاتية الحركة العاملة بالماء، و هى فكره مبدئيه لإستخدام ال(automation) ... و قد قام الجزرى فعلا بتصنيع اّله موسيقيه على شكل فرقه فى مركب كل فرد من الفرقه بيتحرك حركات معينه و مع كل حركه بيصدر صوت معين .. و كل ده بإستخدام طاقة المياه و الحركه الذاتيه ..
و اللعبه أو الاّله دى كانت بتمشى فى المياه، و ذلك للترويح عن السلاطين و الملوك فى القصور ... و وصف الاّله و شرحها و صورها كلها موجوده فى كتابه.
- إبتكاره للساعات المائية، حيث برع الجزرى فى تصنيع و تركيب الساعات ... و له العديد من الساعات المشهوره مثل (ساعة القرد، وساعة الفيل، وساعة الرامي البارع، وساعة الكاتب، وساعة الطبال).
- إختراعه لأول نافوره فى العالم ... و هى نافوره كانت تعمل من خلال حركة المياه. و كانت مزوده بتمثالين بيتحركوا عند تشغيل و تغير منسوب المياه، و يتحرك التمثالين لإعطاء المناشف للمستخدم و كانت تعرف بإسم اّلة (غسل اليدين).
- إختراعه للعديد من الآلات الهيدروليكية، والتى تم ذكر العديد منها فى كتابه بالشرح و الصور.
- وصفه الدقيق لعدد من الآلات الميكانيكية المختلفة من ضاغطة، ورافعة، وناقلة، ومحركة.
- أول من إستخدم و أدخل ميزان فى الساعه، علشان الساعه تتحرك فى إتجاهين. و صمم ساعه فيها ذراعين بيشيروا للوقت شبيهين للعقارب الموجوده داخل الساعه الاّن.
- مش كده و بس ...
ده الجزرى أول من أخذ فكرة ال (crank) أو نقدر نسميه عمود التباديل، اللى كانت أصلا مذكوره فى كتاب عربى تانى من تأليف الأخوين (بنو موسى) ... لكنها كانت فكره نظريه و لم يتم تطبيقها على اّله ..
لكن الجزرى أخذ الفكره و طورها و إستخدمها فى آلات ذاتيه التشغيل و فى ماكينات توليد المياه ... و اللى بعد كده بقرووووون عديده تم تطويرها، و كانت هى الأساس فى إستخدام المولدات و إستعمال الطاقه البخاريه فى توليد الحركه و إختراع المحرك البخارى، و محرك الإحتراق الداخلى.
لكن الجزرى كان فعلا قام بعمل نموذج على عجله دواره شبيه جدا بفكرة الموتور.
- ظهور التروس القطعيه لأول مره كان فى مؤلفات الجزرى، و فى شرحه للعديد من إختراعاته .. علما بأن أول ظهور للتروس القطعيه فى أوروبا تم من خلال ساعة (جيوفانى ديدوندى) فى إيطاليا عام 1364ميلادى أى بعد الجزرى بقرنين كاملين.
- كمان ما ننساش إختراعه لساعه تعد من أشهر ساعات العالم و هى (ساعة الفيل) الشهيره .. و الساعه دى عباره عن وزن يعمل على الطاقة المائية على شكل فيل. والعناصر المختلفة للساعة موجودة في بيت على ظهر الفيل.
و الساعة مصممة لنقل وعمل الصوت كل نصف ساعة. و الساعه تتميز بإبتكارات ميكانيكيه كثيره و غريبه و بتوضح فعلا إزاى إن الجزرى كان صاحب عقل نادر فى علم الميكانيكا و الهندسه، كما توضح الشغف الهائل اللى كان عند الجزرى بالتطوير و الإختراع بالإضافة إلى الابتكارات الميكانيكية ... مثل ذاتية الحركه و التدفق المنتظم.
الساعة في حد ذاتها تعتبر مثالا مبتكرا في التعددية الثقافية ممثلة في التكنولوجيا، فالفيل يمثل ثقافات الهنود والأفارقة، والتنين يمثل الثقافة الصينية، وطائر الفينيق يمثل الثقافة المصرية القديمة، ويمثل عمل المياه الثقافة اليونانية القديمة، والعمامة تمثل الثقافة الإسلامية.
و الساعه دى تم إنشاء نموذج منها بالحجم الطبيعى فى لندن فى متحف لندن لأول مره عام 1976 كما يوجد منها نموذج اّخر فى متحف الساعات Musée d'Horlogerie Du Locle - Château des Monts في سويسرا.
بس الحمد لله اخيرا تم بناء نموذج لها فى دولة عربية ...و بالتحديد فى دولة الإمارات العربيه المتحده، بس موجوده فى مول ابن بطوطه التجارى ... ما العرب لازم يختلفوا عن الاّخرين، و بعدين المتاحف هتكفى إيه ولا إيه برضه .. و بعدين بصراحه ساعه زى دى لازم تتشاف، فأكيد علشان تحقق أعلى معدل مشاهده مكانها الطبيعى لازم داخل مول تجارى !.
و فيه كمان العديد و العديد من إختراعات الجزرى فى علم الهندسه، و اللى فعلا يطول شرحها و الكلام فيها محتاج دارس متخصص فى علم الهندسه ... و لكن دى الفكره العامه عن أهم إنجازاته و إسهاماته فى التطور و التكنولوجيا العديده فى العالم كله.
و يبقى حاليا إن إحنا نتكلم عن كتابه الشهير كتاب "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل"، و الكتاب ده قام الجزرى بتأليفه فى 25 عاماً ... و ضم خبرات أكثر من قرون فى علم الهندسه.
و الكتاب بيصنف الأجهزه الميكانيكيه فى ستة فئات عامه، و يتناولها بالوصف الشديد الدقه مع الإهتمام بالتفاصيل. كما قام بلحق كل شرح لكل اّله تم شرحها داخل الكتاب بتوضيح وظيفتهاو شكلها أثناء الإستخدام، و بيتجاوز عددهم الخمسين اّله بالرسم التوضيحى المفسر لكل اّله ...
كل ده جعل الكتاب و تصنيفاته لها تأثير كبير على التصنيف الذى وضعه مهندسين أوروبا خلال عصر النهضه، كما كان يعتبر الكتاب المرجع الوحيد للهندسه الميكانيكيه فى أوروبا، و ظل إستخدامه إجباريا لكل طلاب علم الهندسه فى جامعات أوروبا لقرون عديده بعد كده ...
استنونا في الموضوع القادم
