إن الأمن للإنسان أهم من طعامه وشرابه، فقد يجوع ويعطش فيصبر، ولكنه يخاف فلا يكاد يهنأ براحة بال ولا يهدأ له حال .
وفي هذا الكتاب يتعرض المؤلف للأمن في الإسلام، ومن ثم تطبيق المملكة العربية السعودية للسياسة الجنائية الإسلامية، وتتجمع مباحث الكتاب في خمسة مباحث وخاتمة على النحو التالي:
المبحث الأول: الأمن في الكتاب والسنة:
لقد جاء في القرآن الكريم التأكيد على الأمن في مواضع عدة والذي يعنى السلامة والاطمئنان النفسي وانتفاء الخوف على حياة الإنسان، وكذلك السنة النبوية كما في قوله صلى الله عليه وسلم "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا" .
وعلى ذلك يؤكد المؤلف على نقاط عديدة مهمة قد يغفل عنها الإنسان وهي أنه أي الإنسان مهما أوتي من نعمة فلن يشعر بالأمن الكامل ؟ لماذا لأن الأمن المطلق لا يوجد إلا في دار النعيم، وفي سياق توضيحه للأمن يشير المؤلف إلى دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كل عمل يبعث الأمن والاطمئنان في نفوس المسلمين، ونهيه عن كل فعل يبعث الخوف والرعب في جماعة المسلمين باعتبار أن الأمن نعمة من أجل النعم على الإنسان .
المبحث الثاني: مفهوم الأمن في المجتمع المسلم:
آمن المسلمون منذ بداية ظهور المجتمع المسلم الأول، ومنذ نشأة الدولة الإسلامية، أن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما الأصل في نظام المجتمع والأساس الذي يقوم عليه.
وهذان الأصلان هما العاصمان من الزيغ والضلال للحاكم والمحكوم على السواء وهما مفتاح النجاح والفلاح لكل مجتمع مسلم في شؤونه الدنيوية ، قبل أن يكونا مفتاح النجاة في الآخرة .
والمجتمع الآمن الذي يشعر فيه الناس بحرية الأنفس والأعراض والأموال فيما بينهم، ويؤدون فيه شعائر الدين، هو المجتمع المسلم القابل للنمو والارتقاء، والذي تتحقق فيه خيرية الأمة.
المبحث الثالث: الشريعة الإسلامية والأمن الشامل:
يحتاج الفرد في حياته إلى الأمن على نفسه ودينه وعرضه وماله وقد جعلت الشريعة الإسلامية الحفاظ على هذه الضروريات من أهم مقاصدها .
وفي نظرة سريعة مستمدة من أحكام الإسلام، فرق علماء المسلمين بين مطالب الحياة الضرورية، التي تهم الإنسان، وبين غيرها من حاجاته .
فأنزلوا الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والعرض والمال، منزلة الضرورة التي لا تستقيم الحياة إلا بها .
وجعلوا حاجات الإنسان التي تيسر حياته في مرتبة تالية وقد بلغ من عناية الشريعة بحفظ هذه الضرورات للمسلم إلى أن حرمت على الشخص نفسه الاعتداء عليها، فحرمت الردة وتعريض النفس للهلاك وارتكاب الفواحش، وتناول المسكرات والمخدرات، وإضاعة المال، ومن أجل تحقيق أكبر قدر من الحماية لهذه الضرورات، كان تشريع الحدود والقصاص للزجر والردع عن الجرائم التي تمس الأفراد في أنفسهم وأبدانهم وأعراضهم وأموالهم .
المبحث الرابع: أمن غير المسلم في الدولة الإسلامية :
تكفل أحكام الشريعة، أن يتمتع غير المسلم الذي يعيش في المجتمع المسلم بالأمن على حياته وماله وعرضه، وهذه الحماية مستمرة سواء أكان من المعاهدين والمستأمنين أم من أهل الذمة، ما داموا ملتزمين بالعهد مؤدين ما اشترطه الإسلام عليهم .
وهذه الحقوق لغير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع المسلم لم تكن وليدة تطور اجتماعي أو تقدم حضاري، ولكنها أساسية في القرآن الكريم والسنة النبوية .
ولم تقتصر الشريعة الإسلامية على حماية من يعيش في مجتمع مسلم وهي حالة الذميين، وإنما تجاوزت ذلك إلى حماية المخالف في الدين، الذي يحضر إلى بلاد المسلمين للعمل، أو التجارة أو لشأن من الشؤون المباحة .
المبحث الخامس: المملكة العربية السعودية وتطبيق السياسة الجنائية الإسلامية :
في هذا المبحث ينقلنا المؤلف إلى عالم الجزيرة العربية قبل ظهور الدولة السعودية ليذكرنا كيف كانت البلاد مرتعاً للجهل والتخلف الفكري، وما أعقب ذلك من ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بمساندة الإمام محمد بن سعود وتعاهد الطرفان على النصرة والتأييد والدعوة إلى كلمة التوحيد كما أرادها الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وظل الأمر كذلك حتى عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله الذي تم على يده توحيد المملكة العربة السعودية ومنذ اللحظات الأولى أدرك رحمه الله أن الأمن من أهم مطالب الإنسان ، وهي سنة سار عليها من بعده أبناؤه حتى يومنا هذا في توفير أمن المواطن وأمن المجتمع، وفي عون المسلمين في أطراف الأرض، وقد تقدمت مؤسسات المملكة واكتسبت خبرتها في مجالات عملها، ومنها مؤسسات الأمن والشرطة، نتيجة التزامها بالهدف الذي أنشئت من أجله وهو تأمين الوطن والمواطن وحمايتهما من آثار الجريمة التي لم يخل منها مجتمع من المجتمعات الإنسانية .
الخاتمــة: في أهم ما يحقق الأمن للمجتمع المسلم:
ضمن هذا العنوان يصف المؤلف الدواء لداء انفراط الأمن في المجتمع المسلم، ويؤكد أن من أهم ما يحقق الأمن للمجتمع المسلم ما يلي:
1- تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وحدودها لأنها حينما تطبق في جميع مجالات الحياة تضمن للمجتمع أمنه الخارجي والداخلي .
2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة من العلماء وممن لديه علم شرعي .
3- بيان وسطية الإسلام، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومواجهة التطرف والغلو والإرهاب المتستر بالدين .