إيليا أبو ماضي (1889 أو 1890[2] - 23 نوفمبر 1957) شاعر عربي لبناني يعتبر من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين. من شعره الغني والفقير
قل للــغني المستعـز بمــالــــه*مهلا لقد أسرفت في الخيلاء
جبل الفقير أخــوك مـن طين ومن*مـاء ومن طـين جبلت ومـاء
فـمـن الفـسالـة أن يراك مبذرا*ويكـون رهـن مصائب وبلاء
وتظـل ترفل في الحـريـر أمامـه*وتراه قد أمسى بغير كساء
انصر أخـاك فإن فعلت كفيته*ذلّ الــســؤال ومنّة البخلاء
يا أغنياء وما الغنى بمشرف*ما لم يكن أهلوه أهل سخاء
إن كانت الفقراء لا تجزيـكـم*فـالـلـه يجزيكم عن الفقراء ]
الاسم الحقيقي إيليا ضاهر أبو ماضي 1889-1957 محل الميلاد المحيدثة ـ المتن الشمالي - لبنان سبب الشهرة يأتي ثالثا في شهرته بين شعراء المهجر، بعد جبران ونعيمة.. يزخر شعر أبي ماضي بالتفاؤل والإقبال على الحياة بإسباغ الجمال على البشر والطبيعة، ويستثنى من ذلك درته الشهيرة "الطلاسم" .. وكمعظم المهجريين يتصف بالجرأة في التعامل مع اللغة ومع القالب العمودي الموروث .
نشأ أبو ماضي في عائلة بسيطة الحال لذلك لم يستطع أن يدرس في قريته سوى الدروس الابتدائية البسيطة؛ فدخل مدرسة المحيدثة القائمة في جوار الكنيسة.
عندما اشتد به الفقر في لبنان، رحل إيليا إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة مع عمه الذي كان يمتهن تجارة التبغ، وهناك التقى بأنطون الجميل، الذي كان قد أنشأ مع أمين تقي الدين مجلة "الزهور" فأعجب بذكائه وعصاميته إعجابا شديدا ودعاه إلى الكتابة بالمجلة، فنشرأولى قصائده بالمجلة، وتوالى نشر أعماله، إلى أن جمع بواكير شعره في ديوان أطلق عليه اسم " تذكار الماضي " وقد صدر في عام 1911م عن المطبعة المصرية، وكان أبو ماضي إذ ذاك يبلغ من العمر 22 عاما.
اتجه أبو ماضي إلى نظم الشعر في الموضوعات الوطنية والسياسية، فلم يسلم من مطاردة السلطات، فاضطر للهجرة إلى أمريكا عام 1912 حيث استقر أولا في مدينة " سنسناتي " بولاية أوهايو حيث أقام فيها مدة أربع سنوات عمل فيها بالتجارة مع أخيه البكر مراد، ثم رحل إلى نيويورك وفي "بروكلين"، شارك في تأسيس الرابطة القلمية في الولايات المتحدة الأمريكية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة.
أصدر مجلة " السمير" عام 1929م، التي تعد مصدراً أولياً لأدب إيليا أبي ماضي، كما تعد مصدراً أساسياً من مصادر الأدب المهجري، حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر، وبخاصة أدباء المهجر الشمالي كثيراً من إنتاجهم الأدبي شعراً ونثراً.
واستمرت في الصدور حتى وفاة الشاعر عام 1957م .
يعتبر إيليا من الشعراء المهجريين الذين تفرغوا للأدب والصحافة، ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولاسيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران.
أهم الأعمال دواوين: (تذكار الماضي)، (إيليا أبو ماضي)، (الجداول)، (الخمائل)، (تبر وتراب).
وإليكم قصيدته الرائعة ( فلنعش )
لا تَسَــــــــلْ أين الهوى والكـــوثرُ سَكَتَ الشــــــــــــادي وبُحَّ الوتـــرُ
فـــجــأةً ... وانـــقــــلب العُرسُ إلى مَأتمٍ ...مــــاذا جـــــــرى؟ مـــا الخبرُ
ماجــتِ الــدنيا بمـــــن فيها ، كما ماج نـــــهــــــــــــرٌ ثائرٌ مُنكــــــدرٌ
كُلهم مُســــــتَفسِـــــرٌ صَـــــاحـــبه كلُّهم يُؤذيه من يَســــــتَفـــسِـــر
هَــمَــــسَ المــــوتُ بهــم هـــــمستهُ إن هــمــــس المـــــوت ريحٌُ صَــــرصَرٌ
فـــــإذا الحــــيرةُ في أحــــــداقهم كــيفـــما مالـــوا وأنى نــظــــــروا
عـــــلِموا ... يا ليتهــــم ما عَــــلِموا أنَّ دنــــيا مــــن رؤىً تُحــــتَضَـــــــرُ
والذي أطــــــــربهــــم عن قُــــدرةٍ بــــات لايقـــــوى ولا يــــــــقــــــتدرُ
يَبِسَ الضِّــحــــكُ على أفــــــــواههم فهــو كالسُّخــــرِ وإن لم يسخــروا
وإذا الآسي ... يـــــــدٌ مخــــــــــذولةٌ ومُــــحـــيا اليأسُ فـــيه أصـــفــــــرُ
شاع في الدنياالأسى حتى شكت أرضُــها وطــــــــــــأتَهُ والجَــــــــــدرُ
فــــعــلى الأضواء مِنه فـــــــــــــترةٌ وعــلى الألــــوان مِــــنه أثـــــــــــــــرُ
والقــــــناني صُــــــــورٌ باهِـــــــــتَةٌ والأغــاني عَــــــالم مُـــــنــــــدثـــــرُ
ألهــــنا أُفـــــــلِت مــن أيديــــهـــمُ والأمـــــاني ...؟ ..إنهــــا تــنـــتـحِرُ
واقرأ معي إن شئت قصيدته الرائعة ( السماء )
لا تسألني عن السماءفما عندي إلا النعوت والأسماء
هي شيء وبعض شيء وحينا كل شيء وعند قوم هباء
فسماء الراعي كما يتمناها مروج. فسيحة خضراء
تلبس التير مئزرا ووشاحا كلما أشرقت وغابت ذكاء
أبدا في نضارة،لا يجف العشب فيها ؛ولا بعض الماء
وهي عند الأم التي اخترم الموت بنيها، وضلّعنها العزاء
موضع يولد الرّجاء من اليأس إذا مات في القلوب الرجاء
وهي عند الفقير أرض وراء الأفق، فيها ما يشتهي الفقراء
لا يخاف المثري، ولا كلبه الضاري ، ولا لامرىء به استهزاء
وهي عندالمظلوم أرض كهذي الأرض لكن قد شاع فيها الإخاء
يجمع العدل أهلها في نظام مثلما يجمع الخيوط الرداء
لا ضعيف مستعبد، لا قويّ مستبد؛بل كلهم أكفاء
كلّ شيء للكل ملك حلال، كلّ شيء فيها كما الكلّ شاموا
وهي عند الخليع أرض تميس الحور فيها، وتدفق الصهباء
كلّ ما النفس تشتهيه مباح لا صدود، لا جفوة، لا إباء
أكبر الإثم قولة المرء هذا الأمر إثم، وهذه فحشاء
ليس بين الصّلاح والشر حد كالذي شاء وضعه الإنبياء
وإذا لم يكن عفاف وفسق لم تكن حشمة ولا استحياء
...
صور في نفوسنا كائنات ترتديها الأفعال والأشياء
ربّ شيء كالجوهر الفرد فذّ عدّدته الأغراض والإهواء
كلّ ما تقصر المدارك عنه كائن مثلما الظنون تشاء
كلّ ما تقصر المدارك عنه كائن مثلما الظنون تشاء