الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أصل (اللهم ) الله والميم فيها عوض عن ياء النداء عند الجمهور، والمراد دعاء الله وحده لا شريك له ، وقد قال البغوي في التفسير : اللهم قيل : معناه يالله فلما حذف حرف النداء زيد الميم في آخره ، وقال قوم : للميم فيه معنى ، ومعناها ياالله أمنا بخير أي : اقصدنا ، حذف منه حرف النداء كقولهم : هلم الينا ، كان أصله هل أم الينا ، ثم كثرت في الكلام فحذفت الهمزة استخفافاً وربما خففوا أيضاً فقالوا : لاهم . اهـ.
وقال القرطبي في التفسير : قوله تعالى : قل اللهم اختلف النحويون في تركيب لفظة اللهم بعد إجماعهم أنها مضمومة الهاء مشددة الميم المفتوحة ، وأنها منادى ، وقد جاءت مخففة الميم في قول الأعشى :
كدعوة من أبي رباح يسمعها اللهم الكبار.
قال الخليل وسيبويه وجميع البصريين : إن أصل اللهم يا الله ، فلما استعملت الكلمة دون حرف النداء الذي هو (يا) جعلوا بدله هذه الميم المشددة فجاؤوا بحرفين وهما الميمان عوضا من حرفين وهما الياء والألف ، والضمة في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد . وذهب الفراء والكوفيون إلى أن الأصل في اللهم يا الله أمنا بخير ، فحذف وخلط الكلمتين ، وأن الضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت الهمزة انتقلت الحركة . قال النحاس : هذا عند البصريين من الخطأ العظيم ، القول في هذا ما قاله الخليل وسيبويه . قال الزجاج : محال أن يترك الضم الذي هو دليل على النداء المفرد ، وأن يجعل في اسم الله ضمة أم ، هذا إلحاد في اسم الله تعالى . قال ابن عطية : وهذا غلو من الزجاج ، وزعم أنه ما سمع قط يا الله أم ، ولا تقول العرب يا اللهم .
وقال الكوفيون : إنه قد يدخل حرف النداء على اللهم وأنشدوا على ذلك قول الراجز :
غفرت أو عذبت يا اللهما
آخر :
وما عليك أن تقولي كلما ****سبحت أو هللت يا اللهم ما
اردد علينا شيخنا مسلما**** فإننا من خيره لن نعدمــــــــا
آخر :
إني إذا ما حدث ألمّــــــــــا **** أقول يا اللهم يا اللهمـــــــا .
قالوا : فلو كان الميم عوضا من حرف النداء لما اجتمعا . قال الزجاج : وهذا شاذ ولا يعرف قائله ، ولا يترك له ما كان في كتاب الله وفي جميع ديوان العرب ، وقد ورد مثله في قوله :
هما نفثا في في من فمويهما**** على النابح العاوي أشد رجام
قال الكوفيون : وإنما تزاد الميم مخففة في فم وابنم ، وأما ميم مشددة فلا تزاد .
وقال بعض النحويين : ما قاله الكوفيون خطأ ، لأنه لو كان كما قالوا كان يجب أن يقال : اللهم ويقتصر عليه لأنه معه دعاء . وأيضا فقد تقول : أنت اللهم الرزاق . فلو كان كما ادعوا لكنت قد فصلت بجملتين بين الابتداء والخبر . قال النضر بن شميل : من قال اللهم فقد دعا الله تعالى بجميع أسمائه كلها . وقال الحسن : اللهم تجمع الدعاء . اهـ
وراجع شروح الألفية عند قول ابن مالك :
وباضطرار خص جمع يا وأل ... إلا مع الله ومحكى الجمل
والأكثر اللهم بالتعويض ......... وشذ يا اللهم في قريض.