القصة في أدب الأطفال
الإنسانُ قصةُ كلِّ قِصَّة، سواء أكانت نثرية أم شعرية، للكبار أم للصغار، نشأت مع الإنسان ليعبر بها عن حياته في صراعه مع عدوه، سواء أكان وحشًا أم إنسانًا....
وهي الفن العريق لصيق الروح بالإنسان في كل لغة، في كل زمان ومكان فما تعريف القصة؟.
تعريف القصة:
(القصة أسلوب إبداعي من أساليب البيان، ينهج فيه القاص تتبع الأثر، معتمدًا على جملة عناصر أهمها: الموضوع والشخوص والحبكة والهدف[1].
وقصص أدب الطفولة، وإن كانت تشترك مع قصص الكبار ببعض الصفات، إلا أنها تفترق عنها في صفات أخرى.
عناصر القصة في أدب الأطفال:
عناصر القصة عند الدكتور علي الحديدي:
يحدد الدكتور علي الحديدي عناصر القصة للأطفال بقوله: (وأهم عناصر القصة التي يجب أن تراعى عند التأليف للأطفال يمكن تلخيصها فيما يلي:
الحبكة- بيئة القصة الزمانية والمكانية- الموضوع- الشخوص- الأسلوب- الشكل والحجم)[2].
عناصر القصة عند أحمد نجيب:
ويحدد أحمد نجيب المقومات الأساسية في القصة بما يلي[3]:
1- الفكرة الرئيسية التي تجري الأحداث في إطارها
2- البناء والحبكة وتشمل المقدمة والعقدة والحل
3- أسلوب كتابة القصة
4- الشخصيات
5- مجموعة أخرى من الاعتبارات.
يقدم الدكتور علي الحديدي (الحبكة) على كل عناصر القصة، بينما نرى أحمد نجيب يقدم (الفكرة أو الموضوع) على جميع العناصر المكونة للقصة.
إنني أستبعد تقديم الحبكة؛ لأن الأديب الذي يتهيأ لكتابة القصة؛ للكبار أو للصغار سيدور في ذهنه موضوعان رئيسيان لا ثالث لهما هما:
الموضوع والشخوص، أيهما يقدم على الآخر.
أما الحبكة فإنها ستكون تالية لهذين العنصرين، وتكون في القصة في مسارها... بأسلوبها المشوق.
فأيهما نقدم؛ الموضوع على الشخوص؟ أم الشخوص على الموضوع؟.
نعود بذاكرتنا إلى القصة العالمية، نجدها في الملاحم القديمة: جلجامش، المهابهارتا، الإلياذة والأوديسة لهوميروس، وهما أشهر الملاحم، نتعرف إلى العنصر الأول الأهم في كلتا الملحمتين فماذا نجد؟ يقول هوميروس في مطلع الإلياذة: (غن ربة الشعر، غن غضبة آخيل الوبيلة، تلك الغضبة التي جرَّت على اليونان آلامًا لا حصر لها).
وفي مطلع الأوديسة يقول: (الرجل الذي احتال على طروادة وحطمها، ما صفاته)[4]؟.
الإلياذة تروي ذهاب جيش أثينا إلى طروادة ومحاصرته لها عشر سنين، بدأت بالموضوع.
أما الأوديسة؛ فإنها تروي عودة أوليس المحتال صاحب فكرة الحصان الخشبي، بدأت بالشخوص.
وفي الأدب المعاصر؛ الأجنبي والعربي يتناوب هذان العنصران الأولية في كتابة القصة.
تقول آجاثا كريستي في مطلع قصتها: بصمات الأصابع: (لا زلت أذكر تلك الليلة الرهيبة التي اكتُشف فيها جثتا القتيلين، وهي ليلة شديدة القيظ من شهر يونيه لعدة أعوام خلت، فقد اقترن ذلك الحدث المروع بمأساة أخرى لا تقل هولًا، إذ بينما كانت ترتكب في نيو يورك هذه الجريمة المزدوجة الفظيعة، كانت الباخرة (أوكسجين) تغرق تجاه ساحل فلوريدا)[5].
هنا قدمت الموضوع.
أما نجيب محفوظ، وهو الحائز على جائزة نوبل في القصة؛ فإنه يقول في قصته: قلب الليل (قلت وأنا أتفحصه باهتمام ومودة: إنني أتذكرك جيدًا، انحنى قليلًا فوق مكتبي وأحدَّ بصره الغائم، وضح لي من القرب ضعف بصره، نظرته المتسولة، محاولته المرهقة لالتقاط المنظور، وقال بصوت خشن عالي النبرة، يتجاهل قصر المسافة بين وجهينا، وصغر حجم الغرفة الغارقة في الهدوء..)[6] فهنا قدم الشخوص على الموضوع.
وهذان العنصران؛ الموضوع والشخوص، يتناوبان الأولية بين أديب وأديب، بل قد يتناوبان الأولية في إنتاج الأديب نفسه.
القصة وسيكولوجية الطفل:
(الطفل عالم مستقل)[7] والأديب، أو المعلم الذي ينظر إلى طفله أنه رجل صغير، يكون قد أخطأ في حقه خطأ فادحًا، لأنه في هذه الحال يتعامل مع مجهول، لا يفهمه ولا يعرفه.
من هنا تنشأ الإساءة غير المقصودة إلى براءة الطفل الذي يتعامل مع (كبار) كثيرًا ما ينظر إليهم شزرًا، وربما يصفهم بالقسوة والظلم.
الطفل له عالمه الذي يسبح فيه بخياله، ويفكر فيه، وربما لا يقل تفكيرًا عن الكبار، بل كثيرًا ما تكون القوة الذهنية لدى الصغار أقوى من تفكير الكثير من الكبار، وإن كان هذا التفكير بأسلوب مختلف؛ الحلوى... الكرة.. الدمية.. متطلبات أساسية في عالم الطفل النفسي إذا لم تشبع هذه الرغبات صغيرًا انعكست أثارها على حياته كبيرًا، وتشكلت لديه عقدة قد يصعب حلها، وتترتب عليها آثار سلبية مرهقة.
فللطفل عالمه المستقل في تحقيق الرغبات، من الحلوى والألعاب والصداقات... نعم للطفل جوه الملائكي في بيئته بانسجامه معها في اللعب والرياضة... فهل هاتان اللفظتان مترادفتان؟
الرياضة واللعب في حياة الطفل:
الرياضة المنظمة:
الرياضة حركة، واللعب حركة، ولكن شتان ما بين الحركتين.
الرياضة حركة منظمة محكومة بقانون ونظام معين للحركة والسكون، كما في الحركة البندلية وسائر الحركات السويدية.
التمرين الأول:
• واحد: مد اليدين إلى أمام، الإبهام إلى أعلى.
• اثنان: افتح الذراعين مع التنفس إلى أقصى مدى
• ثلاثة: ضم الذراعين مع الزفير.
• أربعة: أنزل الذراعين إلى الجنبين.
التمرين الثاني:
• واحد: ارفع الذراعين إلى مستوى الكتفين.
• اثنان: أنزل الذراعين إلى الجنبين.
• ثلاثة: ارفع الذراعين إلى أعلى ما تستطيع.
• أربعة: أنزل الذراعين إلى الجنبين
استعد: واحد، اثنان، فوق، تحت.
واحد اثنان فوق تحت
وقوف.... قف.
فالرياضة حركة مقيدة، أداتها الأمر.
اللعب وأهميته في حياة الطفل:
اللعب في حياة الطفل يعني الشيء الكثير من العطاءات غير المحدودة، فهو تحقيق للذات الفاعلة المتصرفة الحرة البعيدة عن الأمر والنهي.
اللعب هو الجو الطبيعي للطفل الذي يظل منجذبًا إليه بحكم تكوينه البيولوجي، إنه بحاجة إلى الحركة لينمو، والطفل ينبع من داخله الانجذاب نحو الحركة بحكم تركيبه السيكولوجي أيضًا المنبعث من إحساسه في عالمه الداخلي والخارجي.
لو نظرنا إلى طفل يدحرج بقدمه علبة فارغة، يركلها فتندفع أمامه بحركة قدمه، فهو إذًا- في نظره لنفسه- شيء فاعل، وهذه العلبة تحدث ضجيجًا، ربما كان في نظر الطفل الذي يركلها احتجاجًا، أما هذا الصوت في نظر نفسه فهو النغم الجميل المعبر عن سيطرته على هذه الأداة- العلبة- وهو الصوت الصدى المنبعث من أعماق نفسه بصفته الاستجابة المباشرة للدوافع الحركية الكامنة في نفسه كمون النار في الحجر، فالطفل يترنم بضجيجها جذلان طربًا، وتشترك في هذا الطرب كل أحاسيسه؛ الواعية في الشعور وما تحت عتبة الشعور، تمتص تلك الحركة طاقة الجسم الفائضة عن حاجته لها، تلك الطاقة التي فاضت عن حاجة الجسم والنفس على حد سواء.
لو نظرنا إلى الأطفال في أثناء الرياضة المنظمة، ونظرنا إليهم وهم يلعبون لعرفنا الفرق بين الرياضة وبين اللعب.
المجالات التي تتفتح باللعب:
1- في المجال العضوي: يمكن للطب أن يتكلم عن النشاط الهرموني الفاعل في بناء عضوية الطفل.
2- في المجال النفسي: يمكن أن يتكلم هذا العلم عن تحليل العقد النفسية لدى الطفل، وذلك بإبعاده عن التوحد، والعزلة و الأنانية، ويغرس فيه حب الإيثار والغيرية.
3- وفي المجال الاجتماعي: يعمل اللعب على انسجام الطفل مع الوسط المحيط، ويحببه بالعمل الجماعي وعدم الاستئثار.
4- وفي المجال الجمالي: فإن اللعب يكسب الطفل الانسجام مع الحياة؛فينظر إليها بروح متفائلة، يحقق ذاته ويحب الآخرين، ويحقق التوازن بينه وبين الوسط المحيط، مما يجعل شخصيته إيجابية.
اللعب المنظم يكمل اللعب الحر، فهما متكاملان، ولا غنى لكل واحد منهما عن الآخر لبناء الشخصية المتكاملة، فما معنى الشخصية؟
الشخصية:
تعريف الشخصية:
يقول أحمد نجيب: (يمكن أن نعرِّف الشخصية ببساطة: إنها مجموع الصفات الاجتماعية والخلقية والمزاجية والعقلية والجسمية التي يتميز بها الشخص وتبدو بصورة واضحة متميزة في علاقته مع الناس)[8].
واضح أن هذا التعريف يخص النفسية السوية، إذ نرى الأستاذ أحمد نجيب يعقب على التعريف السابق بقوله: (وعلى هذا- التعريف- فإن الصفات الاجتماعية والخلقية كالتعاون والتعاطف والصدق والأمانة والصفات المزاجية، ونعني بها الصفات التي تميز انفعالات الفرد عن غيره من الناس كسرعة التأثر في المواقف المختلفة، وعمق الأثر أو سطحيته وغلبة المرح أو الانقباض على حالته المزاجية والصفات العقلية، كالتفكير المنظم والملاحظة الدقيقة وحضور البديهة والصفات المتعلقة بصحة الجسم ومظهره العام وخلوه من العاهات، وما إلى ذلك، تدخل في تكوين شخصية الفرد).
وينحصر كلام الأستاذ أحمد نجيب حول تكوين الشخصية في جانبين:
الجانب المادي والجانب المعنوي.
وهو يشترط في الجانب المادي خلو الجسم من العاهات لتكوين الشخصية، أو لتكوين الشخصية السوية أو البانية أو العظيمة..
وهذا الشرط فيه نظر، فقد حفظ لنا التاريخ أسماء أبطال كان فيهم عاهات ربما ساهمت في بناء شخصياتهم العظيمة، منهم هانيبال قاهر جيش الروم وكان بعين واحدة، وما أكثر هؤلاء في التاريخ من قادة وعلماء فقدوا نظرهم فاقوا المبصرين يضيق بحصر أسمائهم مجلدات، من هؤلاء السهيلي صاحب الروض الأُنُف..
تروي لنا ترجمة الأحنف بن قيس، الذي طارد كسرى يزدجرد بعد معركة نهاوند حتى قتل وانقضت إمبراطورية الفرس بمقتله، يصفه الرائي بقوله:
كان الأحنف بن قيس غائر العينين، مائل الذقن، أحنف الرِّجل، تزدريه العيون، ولكنه كان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه، وكان إذا غضب يغضب لغضبه مئة ألف سيف لا يدرون فيم غضب.
وكان موسى بن نصير فاتح الأندلس أعرج، وقد لقبه التاريخ ب- (شيخ المجاهدين)[9].
ونحن إذا حصرنا الشخصية في البعد عن العاهات نكون قد وقعنا في مغالطة كبيرة، فكثيرًا ما تكون العاهة حافزًا لبناء الشخصية العظيمة ومركب سمو يسد النقص عما فقد من بناء الجسم، وقد تكون قوة الشخصية مستندة أساسًا إلى العاهة، فكم من طفل عيب عليه في صغره في عاهة ما... إذا به ينبغ ويبز الأسوياء بقوة شخصيته، وكم من وسيم يملأ العين منظره، فإذا ضرب على المحك- كما يقال- انكشفت شخصيته عن تافه ساقط الهمة دنيء النفس، ولأمر ما فقد ضربت العرب هذا المثل:
(ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل)[10].
ويشرح الميداني هذا المثل بقوله: (الدخل: العيب الباطن. يضرب لذي المنظر لا خير عنده).
فالشخصية: هي الجانب المعنوي في الإنسان، ولا علاقة للجانب العضوي في بناء الشخصية، قوة الفكر، قوة النفس، مجموعة القيم، كالشجاعة والمروءة والصدق، ويكون حظ الإنسان من الشخصية بمقدار ما يحصل من هذه المعاني، ولنتصور أن إنسانًا ذا هيئة ووسامة وطول وعرض... وأنه كذاب جبان خفيف.. فهل يكون ذا شخصية ما في المجتمع؟.
جوانب الشخصية:
وقد تأثر الأستاذ أحمد نجيب بفرويد، وهو يتابعه في تقسيم الشخصية إذ يقول تحت عنوان:
جوانب الشخصية:
(إن للشخصية ثلاثة جوانب هي:
أ- الهو: وهو يضم الدوافع والرغبات تسير بوحي اللذة لإشباع الرغبات بلا اعتبار لمعايير الأخلاق.
ب- الأنا: هو جانب الإرادة في الشخصية.
ج- الأنا الأعلى: وهو الضمير أو الرقيب النفسي الذي يمثل جملة المعايير والقيم التي يستخدمها الفرد في الحكم على دوافعه ورغباته.
(لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه): هل يعلم الذين ينقلون عن فرويد هذا التقسيم؛ هو-أنا- أنا أعلى، ماذا يقصد بذلك؟ يقصد بذلك إبعاد العقل عن الله تعالى، ومن أين جاء بهذا المصطلح؟ ولماذا لا يكون لدى فرويد أنا أسفل؟ إننا نحن المسلمين يجب علينا ألا تمر لوثة مغرض، لأننا أصحاب رسالة سماوية أكرمنا الله سبحانه وتعالى بها، وجعلنا بها خير أمة أخرجت للناس فهي مصدر عزتنا وكرامتنا ونحن نبني حياتنا على مبادئها وتعاليمها، فيجب أن يكون أول هدف من أهداف التربية في الإسلام هو التمسك بعقيدة التوحيد؛ تلك العقيدة الصافية الخالية من الشوائب والشركيات والبدع والالتجاء إلى غير الله تعالى، وبحسبنا القرآن الكريم والسنة المطهرة، ففيهما الفهم والذكاء ومكارم الأخلاق وهما أساس كل تربية سوية بعيدة عن العقد وما ينتج عنها، ولا بأس بنا أن نستفيد من دراسات الآخرين ومن تجاربهم المفيدة النافعة، أما الدراسات المضللة فما أحرانا أن نبتعد عنها.
أثر الطفولة المبكرة في تكوين الشخصية:
للطفولة المبكرة قيمتها، بل أهميتها العظمى في تكوين الشخصية مستقبلًا، وفي إعطائها شكلها النهائي، وهي مرحلة ما قبل المدرسة، كانت هذه المرحلة مهملة في نظر الأسرة بشكل عام، وقد تنبهت المؤسسات التعليمية الأهلية إلى أهمية هذه المرحلة في حياة الطفولة فأشادت له دور الحضانة ورياض الأطفال قبل السن القانونية للتعليم في المدرسة الابتدائية.
في المدرسة الابتدائية تنظيم العادات المكتسبة سواء أكانت عادات تعلمها الطفل في دور رياض الأطفال، أو من الأسرة أو البيئة، فالمدرسة لها مهمة إضافية غير التعليم (إنها تعمل على تقويم ما اكتسبه الطفل من عادات واتجاهات سليمة، مع تدعيم العادات والصفات الطيبة)[11].
وفي المرحلة الابتدائية تتبلور شخصية الطفل على جملة من المعارف والاتجاهات والهوايات التي تترك بصماتها إلى الأبد، ويولد فيها رشيم الإبداع في سائر العلوم والآداب ويتحدد مساره فيها؛ ولكن يبقى هذا المنحى كامنًا في اللاشعور.
في المرحلة المتوسطة من مراحل الطفولة تبدأ هذه الكوامن تعبر عن ذاتها، كحبة القمح التي تحاول أن تخرج رأسها من تحت التراب لترى النور؛فالمرحلة الابتدائية تشكل وجدان الطفل بشكل مبدئي، والمرحلة المتوسطة تعمل على رعاية الوجدان والفكر في تناغم منسجم.
ثم تأتي المرحلة الثانوية لتضع اللمسات الأخيرة في تشكيل الطفل بعد تجاوز المرحلة المتوسطة، والإقبال على مرحلة المراهقة، وهي مرحلة الانتقال من الطفولة العليا إلى مرحلة الشباب والرجولة.
القصة وأنواعها:
وهي خمسة أنواع:
1- القصة التي تعتمد على الصورة وصوت الطائر أو الحيوان.
وهي قصة لأطفال الحلقة الأولى من الطفولة المبكرة، أعمارهم من 2 سنة إلى 3 سنوات، وهذه القصص على شكل كتاب مربع مثقوب أوسطه، وقد ركِّب فيه جهاز يصدر صوتًا تبين الرسمة على الورقة صورة صاحبه، فالورقة سميكة من النوع المقوى وعليها رسمة بلبل مثلًا، فإذا ضغط الطفل أو أمه على الجهاز أصدر ألحان البلبل، وإذا كانت الرسمة قطة أحدث الصوت مواء... فالطفل يرى قصة متكاملة في هذا الكتاب، وهي كما يلي:
القطة نائمة
القطة استيقظت
القطة تبحث عن الطعام
القطة تأكل.
2- القصة ليس فيها إلا الصورة:
وهذه القصة مثل سابقتها، إلا أنها تخلو من الصوت، وليس فيها كتابة، فهي نوع من القصص المصورة لا تعتمد على الكلام، وإنما تعتمد على الصورة فقط، وهي موجهة إلى أطفال ما قبل سن القراءة يقول فهد فيصل الحجي: (في الكتاب المصور حكاية القصة تعتمد على الصورة بشكل رئيسي، وقد يتم استخدام بعض الكلمات للتوضيح فقط، ولكن الدور الرئيسي هو للصورة، ومميزات الكتاب المصور؛ أنه موجه للطفل الذي لم يتعلم القراءة بعد، حيث يقرأ الكتاب بمشاهدة الصورة، ويساعده في ذلك أحد الكبار، أي أن الطفل يشاهد الصورة ويسمع الحكاية من أحد والديه.
3- القصة وفيها الكتابة والصورة نادرًا.
وهذا النوع هو الأرقى، وهو للطفولة الواعية، مهمتها غرس المفاهيم وهو مضمون هذه القصص والحكايات ولها مهمة توسيع الخيال وامتداده في الأسلوب، إضافة إلى الثروة اللغوية.
في المضمون؛ قد يجد الطفل نفسه، أو يجد مفهومًا كان غائبًا عنه وهو بأمس الحاجة إليه.
كما في قصة: صياد السمك.
صياد السمك
(نشأ راضي في أسرة فقيرة، يحمل والده شبكته كل صباح ويتوجه بها إلى البحر فهو قريب من بيته، يصطاد السمك ويبيعه في السوق ويشتري لعائلته ما تحتاجه من خبز وخضار، ثم يعود إلى البيت ومعه سمكة تكون قوتًا له ولعياله في ذلك اليوم.
وذات صباح، استيقظ والد راضي فاتر العزم، وشعر بحرارة مرتفعة في جسمه فلم يستطع الذهاب إلى البحر، وصار يتألم، ولم يكن عنده مال ليذهب إلى الطبيب ويشتري دواء.
صارت أم راضي تبكي، وجلست بناتها إلى جانبها، وكل واحدة منهن تنظر إلى أمها وتبكي، قال راضي في نفسه: أنا الآن في المرحلة المتوسطة لقد أصبحت شابًا، بل صرت رجلًا، ماذا يفيدنا البكاء إذا جلست إلى جانب أمي وصرت مثلها أبكي؟
نهض راضي وحمل شبكة والده وتوجه بها إلى البحر، وألقاها وقال: بسم الله، وانتظر... كما كان يفعل والده، ولما تحرك خيط الشبكة أسرع راضي وسحبه، إذا به يجده ثقيلًا ولما أخرج الشبكة، رأى فيها سمكة كبيرة حمراء، حملها وعاد بها إلى أهله، ولما دخل البيت ورآه والده سالت من عينيه الدموع فرحًا، وفرحت العائلة براضي.
تناولت أمه السمكة وصارت تنظفها، ولما شقت بطنها وجدت فيها لؤلؤة كبيرة)[12].
فالطفل، حينما يقرأ هذه القصة يجد نفسه في راضي، يتقمص شخصيته للمواقف المشابهة.
وهكذا تكون مهمة قصص البطولة، حيث يجد الطفل نفسه في البطل القائد أو البطل الفاتح، فتتشقق مخيلة الطفل على البطولة والإقدام؛ لأن هذه القصص سوف تلقي ظلالها على نفسية الطفل وتصبغه بلونها وتطبعه بطابعها، لذلك تحرص كل أمة من الأمم على أن تدرِّس أبناءها مادة التاريخ، وفيها قصص حياة العظماء. ومن هنا ندرك لماذا يحرص المستعمر على أن يلغي هذه المادة من برامج البلدان التي يستعمرها، بل ويلغي اللغة القومية في تلك البلدان.
فالقصة تبني مواقف للطفل، فينشأ محبًا لدينه ووطنه، فتغرس في نفسه العقيدة الراسخة، وحب الخير وأهله، والبعد عن الشر وأهله، كما تعلم القصة البطولة والتضحية والإقدام في مواقف الرعب، فينشأ الطفل على البطولة، وبهذا الجيل تحمي الأمة نفسها وحدودها وتحقق طموحاتها وآمالها وسيادتها.
الورد له شوك
بعد أن عاد زاهر من المدرسة، تناول طعام الغداء وقال زاهر في نفسه: قبل أن أدرس سأقطف بعض الأزهار وأضعها في كأس على طاولتي.
توجه زاهر إلى حديقة منزله فقال: الله! ما أجمل هذه الزنابق! قطف زنبقة صفراء، وقطف ثانية وثالثة وفي طريقه إلى مكتبه، رأى وردة حمراء فتبسم وتوجه إليها، سمع زاهر صوتًا يقول: يا زاهر لا تقترب مني. قال زاهر: من الذي يخاطبني؟ وما الذي يمنعني؟ أما رأيت الزنابق التي قطفتها؟ وسأقطفك أنت أيضًا، ولما تقدم زاهر نحو الوردة هيأت شوكة من شوكاتها القوية، ولما مد زاهر يده ليقطف الوردة، غرست الوردة شوكتها في إصبعه فصاح، سمع والد زاهر صراخ ابنه فأسرع ليرى ما حدث، ولما جاء إلى الحديقة، رأى الدم يسيل من إصبع زاهر، أسرع الوالد إلى صيدلية البيت وعاد فعقم الجرح في إصبع زاهر وربطه، ونظر إلى الزنابق على الأرض، ورأى الوردة على غصنها، فهز رأسه وقال: الآن فهمت كل شيء يا ولدي؛ لو كان للزنبق شوك يدافع به عن نفسه، لما استطعت أن تقطف زنبقة واحدة منها[13].
الشاب الأعرج
يحكى أن رجلًا، كان عنده خيول، يربيها ويدربها ثم يبيعها، وكان له ولد شاب يساعده.
وذات يوم، بينما كان هذا الشاب يركب حصانًا يدربه، إذ وقع من فوق ظهره فكسرت ساقه، فأصبح أعرج يمشي على عكازتين.
اندلعت نار الحرب في تلك المنطقة، فأمرت الحكومة أن يجند كل من هو قادر على حمل السلاح، فذهب كل رجال القرية وشبابها وبقي الشاب الأعرج.
وبعد تدريب هذا الجيش بدأت المعركة، فأحاط الأعداء بهذا الجيش، وقتلوا بعضهم، وأسروا الباقي.
ولما سمع أهل القرية ما حل بأهلهم صاروا يبكون، ولكن الشاب الأعرج نفض رأسه وقال في نفسه: سأنتقم وقال: صحيح أنني لست قادرًا على حمل السلاح، ولا التدريب، ولكنني سأدرب أبناء قريتي على حمل السلاح.
جمع الشاب أطفال القرية، وصار يعلمهم الأناشيد الحماسية، وحتى الأمهات كانت تغني لأطفالها الأناشيد في حب الوطن وكراهية الأعداء، وهي تهز لهم السرير.
كبر الأطفال، وأصبحوا شبابًا، فكان الشاب الأعرج يجلس على كرسيه وهو يشرف على التدريب؛ فالكبير كان يدرب الصغير، والمتعلم يساعد غير المتعلم.
ثم جمع المال واشترى السلاح، ووزعه على شباب القرية، وصار يجمع الأخبار عن الأعداء.
وفي ليلة شديدة الظلام، علم الشاب الأعرج بمكان جيش الأعداء، فذهب بجيشه مسرعًا وهاجمهم فجأة، فقتل منهم بعضهم وأسر الباقي، وفك أسر شباب قريته ورجالهم.
وفي الصباح استيقظ أهل القرية على منظر أفرحهم، لقد رأوا الشاب الأعرج يركب على حصان وهو يتقدم الجيش المنتصر وهم يسوقون أمامهم الأعداء مكتفين[14].
أضواء على هذه القصة:
إن هذه القصة وأمثاله ضرورة في أدب الأطفال لترفع من معنوية الطفل، فإذا كانت هذه حال الطفل الأعرج فكيف تكون حال الطفل السليم؟ لا شك أنه سيكون أكثر حماسًا وعطاء لأمته ووطنه..
يمكن أن نستخلص من هذه القصة ثلاثة مواقف:
1- الموقف السلبي:
وهو أن يهرب هذا الطفل من واجبه تجاه المصيبة التي حلت بأهله وأهل قريته وبوطنه، بأن يذهب بعيدًا عن القرية، ويتاجر ويصبح غنيًا، وبذلك يلهيه المال عن واجبه، وينسيه الدماء التي روت تراب قريته.. أو يتزوج أحلى الفتيات من فاتنات هوليود وأشباههن... وهذا مضمون ما تفعله بعض وسائل الإعلام، أو القصص المشبوهة.
لقد قتل الكاتب الواجب بـ (الحب) أو المال أو الشهرة أو غير ذلك من الاعتبارات، وهذا ما يفعله كثير من شعراء الشعر المشبوه في كثير من دواوينهم، ولكن بشكل مبطن، وهكذا كان دأب كثير من مساحات إعلامنا قبيل حرب عام 1969.
2- الموقف الثاني من مواقف الشاب الأعرج وحسب آخر موضة في تسميم فكر الطفل، هو أن ينبت للطفل جناحان، ويحلو لمخرج الفيلم أن يطير هذا الشاب-أي يهرب- إلى جزيرة بعيدة فيها من كل ما تتمناه النفس من متع ولذائذ، وأن هذه المركبة يمكن أن تغوص في البحار ويتعرف الشاب على ما في أعماقها من غريب المشاهد..، ويبدأ الفيلم يضع عقل الطفل في متاهات لا آخر لها، متاهات تزيد فكر الطفل ونفسيته تعقيدًا، وإن لم يكن معقدًا، فبأسلوبهم هذا سوف يعقدونه ويبعدونه عن الواجب.
3- الموقف الثاني: وهو الموقف الذي اتخذه الشاب الأعرج، وعمل بكل إخلاص وحماسة على تنفيذه لإنقاذ أهله ووطنه، وقد حقق ما أراد.
والقصة أنواع كثيرة؛ منها ما هو إنساني، ومنها ما هو على لسان الحيوان كقصص كليلة ودمنة، ومنها ما هو على لسان الأشياء كقصة رغيف الخبز....
والقصة فنون منها القصة الطويلة، وتسمى الرواية ومنها الأقصوصة، وهي القصة القصيرة، ومنها الحكاية، وهي أساس القصة في أدب الطفولة.
الحكاية في أدب الطفولة:
تعريف الحكاية:
هي أقصوصة بسيطة، يمتزج فيها الواقع بالخيال أهم عناصرها التشويق.
و(الحكاية هي الأساس الأول في تكوين القصة، تستخدم سلاح التشويق لتشد إليها المستمعين أو القراء وتعتمد أساسًا على حب الاستطلاع الذي يجعلهم دائمًا يتساءلون عما حدث بعد ذلك، والحكاية مجموعة من الحوادث مرتبة ترتيبًا زمنيًا. وهي كما يقول فورستر، أدنى وأبسط التراكيب الأدبية ولكنها العامل المشترك الأعظم بين جميع الكائنات المعقدة المعروفة بالروايات[15].
وأصل الحكاية شفهي من التراث الشعبي كان يروى على لسان الجدات للأطفال قبل نومهم ولكن انقرض هذا اللون من الأدب الشعبي أو كاد، وحل التلفاز محله.
وفي مقابلة تلفزيونية على شكل ندوة[16]طرح فيها هذا السؤال: حتوتة ما قبل النوم للأطفال ما صفاتها؟
فكان الجواب الآتي:
حتوتة ما قبل النوم، أو قصة ما قبل النوم، تأتي في المرحلة الثالثة في أدب الطفولة، فلقد سبقتها مرحلتان هما:
المرحلة الجَنينية، والمرحلة السريرية.
المرحلة الجنينية: يذكر ابن كثير في موسوعته العظيمة (البداية والنهاية) في أخبار إياس الذكي، هذا الذي ضرب المثل في ذكائه، قال أبو تمام:
إقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم أحنف في ذكاء إياس
يروي خبرًا يتردد العقل في قَبوله أو تصديقه قال إياس لأمه: ما سبب الضجة التي سمعتها لما كنت في بطنك؟ وراحت أمه تتذكر ثم قالت: لما كنت في بطني قبيل مولدك كنت أحمل على رأسي طبق نحاس فوقع فأحدث تلك الضجة.
وفي العصر الحديث أثبت علم النفس أن الجنين الذي تقرأ أمه بصوت مسموع يستفيد إن كان قراءة قرآن أو شيء مفيد من مطالعة ونحوها، حيث تتفتح عقليته وتنمو بعد الولادة بشكل أفضل، وذلك في المرحلة السريرية، وهذه المرحلة أساس قصص ما قبل النوم، وخميرتها الأولى، فالطفل الذي ينعم بالهدهدة قبل النوم وأمه تهز له السرير، وتغني له بصوتها الرخيم الحنون تلك الأغاني الشعبية ينام نومًا هادئًا هانئًا، وهذه الإيقاعية في الأغنية بهذه الألحان تغذي عاطفة الطفل، ويكون غنى العاطفة لدى الأطفال بحسب تلقِّي هذه الهدهدة، مع اعتبارات أخرى في النشأة، فيتوزع الغنى العاطفي بين الموروث الجميل وبين الكسب من البيئة.
ومع الأسف فقد حرم طفلنا المعاصر هذا الحق الطبيعي الذي كان سلفه يتمتع به، حرم الهدهدة وما فيها من حنان، وحتى المهد أو السرير، فقد تغيرت معالمه، كان يصنعه النجار على هيئة مخصوصة تسهل حركته الاهتزازية، وقد التغى هذا السرير..
(حتوتة) ما قبل النوم، كانت تؤدي مهمة عظيمة في أدب الطفولة، كانت الجدة تتولى القيام بهذه المهمة لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين السنتين إلى السادسة غالبًا، وهذه القصص كانت بالنسبة إلى الطفل بمثابة الارتقاء من مرحلة إلى مرحلة، في هذه المرحلة كان خيال الطفل يسبح مع الخبر في مسرح الأحداث، كان الطفل يتخيل الحدث، فإذا ذكرت الجدة المغارة، كان خيال الطفل يتصور المغارة، يتصور عمقها، يتصور ليلها الدائم.... وإذا ذكرت الجدة البحر تصور البحر والحوت والجبل الذي طار فوقه العملاق والعفريت..
إن الخيال في قصص ما قبل النوم للأطفال كان في معهد (الخيال) ينمو ويتسع ويتنوع ويتلون بألوان الأزهار...
والثروة اللغوية، كانت في نمو مطرد في هذه القصص
وطبعًا ينمو العنصر العقلي المكمل للعنصر الوجداني
ولا بد أن نذكر؛ أن لهذه القصص رسالة، غالبًا ما تغلب الخير على الشر، كأن ينقذ الأميرُ (الست بدور جوا السبع بحور) ويحملها على حصانه ويعيدها إلى قصر أبيها السلطان..
السؤال الآن: هل التلفاز يؤدي مهمة قصة ما قبل النوم؟
الجواب: لا. بل قد يكون للتلفاز مهمة عكس مهمة تلك القصص، بعض قصص التلفاز تبعثر الجملة العصبية للطفل بل تمزقها، وبدلًا من أن تعمل على هدوء الطفل واستقراره النفسي، فإنها تغذي عنصر القلق إن كان موجودًا، وتوجده إن لم يكن.
والسؤال الأخير: كيف نحيي هذا التراث؟
الجواب: نحيي هذا التراث بأن تخلص الأم لبيتها، لأنها هي التي أسندت إليها مهمة تربية فلذة كبدها، وقد غابت الجدة عن موقعها الذي كان لها في الأسرة أو العائلة، فيجب على الأم أن يكون لديها مكتبة الطفل، فيها القصص المناسبة فتخصص الأم كل يوم عشر دقائق لطفلها وتروي له قصة من الذاكرة في أداء معبر، بالصوت والحركة، حركة اليد أو اليدين، حركة الرأس. وإذا لم تتح الفرص يوميًا لهذه القصص ففي الأسبوع مرة إن لم يكن أكثر.
ومع ذلك، والحق يقال: إن متعة قصص ما قبل النوم
على زمن الجدات من الصعب أن تكرر؛ لأن الأطفال كانوا كثرة، ويتزاحمون على الاقتراب من جداتهم، وكان الجو يشبه السحر متعة وسرورًا، وكانت الجدة توزع على أحفادها الجوز واللوز والملبس والتين المجفف...
إن إحياء هذا التراث الغالي ممكن إذا نظرت بعض الأمهات إلى أطفالهن نظرة هند إلى معاوية حينما قيل لها: إن ابنك هذا سيسود قومه. فكان جوابها:
ثكلته إن لم يسد قومه.
الحكاية الشفهية تناسب سن الطفل من سنتين إلى خمس أو ست سنوات، أما الحكاية المدونة فإنها تناسب الطفل في سن ست سنوات إلى تسع سنوات.
وبعض القصص التربوية تحدد المرحلة العمرية للقصص، وفق منهج نفسي وعقلي ولغوي، وقد اتبع هذا المنهج بعض كتاب القصة المتميزين المتخصصين
كالقاص محمد موفق سليمة في كثير مما كتبه للأطفال
وكأحمد نجيب، الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في أدب الأطفال، والأديب الأستاذ أحمد صوان في قصصه المصورة: عنب لذيذ ولكن. وقصة: أين ولدي؟ وقصة: مكبر الصوت، والقرار الأخير...
والآن إلى هذه القصة.
حكاية الأرنب سوسو
صحت الأرنب سوسو من النوم، وصارت تتمطى وتتثاءب، وبعد أن تناولت فطورها بعض الأعشاب قالت في نفسها: سأذهب لزيارة خالتي فوفو.
سارت سوسو وقالت: ما أجمل صباح الغابة! وفي طريقها رأت شيخ الغابة ديدو يحمل سلة فقال لها: صباح الخير يا سوسو إلى أين أنت ذاهبة هذا الصباح؟
قالت سوسو: صباح الخير يا عم ديدو يا شيخ الغابة، أنا ذاهبة لأزور خالتي فوفو.
قال شيخ الغابة: إنك تزورين خالتك، إذًا فأنت تصلين الأرحام، خذي هذه قطعة جبن، اقبليها مني هدية لك يا سوسو.
أخذت سوسو قطعة الجبن وقالت: شكرًا لك يا شيخ الغابة، وتابعت طريقها.
فصاح ديدو: كوني حذرة يا سوسو.
وبينما كانت سوسو في طريقها، رآها الثعلب أبو الحصين فهجم على قطعة الجبن وأمسك بها ليخطفها، فأمسكتها سوسو وقالت: إنها جبنتي.
كان الببغاء واقفًا على غصن من أغصان شجرة قريبة فسمع صياح سوسو والثعلب فصاح فيهما: هيه، ما لكما تتصايحان؟ اذهبا إلى ميمون قاضي الغابة ليحل الخلاف بينكما. ما رأيكما؟. نظر الثعلب إلى سوسو ومال برأسه وقال: هيا. قالت سوسو: هيا.
وصلت سوسو والثعلب إلى قاضي الغابة القرد ميمون، وكان أمامه ميزان، وبعد أن سمع القصة منهما قال لهما: سأقسم قطعة الجبن بينكما بالتساوي هل رضيتما؟ قالت سوسو وقال الثعلب بصوت واحد: نعم رضينا.
قسم القرد قطعة الجبن إلى قطعتين، ووضع القطعتين في كفتي الميزان، فانخفضت كفة وارتفعت كفة، قال القرد: هذه القطعة أكبر وأكل منها، وهكذا كان يأكل من الجبن إلى أن بقيت قطعة صغيرة، قالت سوسو: اترك هذه القطعة لي، وقال الثعلب: اترك هذه القطعة لي.
نظر القرد إلى سوسو وإلى الثعلب، وصار يضحك ويقول: أنتما ليس لكما أي شيء، ووضع في فمه القطعة الأخيرة من الجبن.
سارت سوسو في طريقها وهي تبكي، ورفعت كفيها إلى السماء وقالت: يا رب انتقم لي من الظالم.
رآها شيخ الغابة وهي تبكي، ولما أخبرته بقصتها مد يده إلى السلة وناولها قطعتين من الجبن وقال: خذي يا سوسو لأنك تزورين الأرحام.
سمعت سوسو صوتًا من على غصن الشجرة يناديها قال الببغاء: هجم النمر على القرد ميمون وأكله، ووقع الثعلب في البئر.
وصلت سوسو إلى خالتها، ولما قصت عليها قصتها قالت لها خالتها: إن الله استجاب دعاءك، فأنت مظلومة وقد انتقم لك من الظالم[17].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] القصة الشعرية د. أحمد الخاني مخطوط .
[2] في أدب الأطفال د. علي الحديدي ط7 ص 176 .
[3] أدب الأطفال علم وفن أحمد نجيب ط2 ص75 .
[4] في الأدب المقارن د. بدر الدين الرفاعي طبع جامعة دمشق 1976 م .
[5] قصة : بصمات الأصابع أجاثا كريستي ص:5 ط المكتبة الثقافية – بيروت .
[6] قصة قلب الليل .نجيب محفوظ ص3 نشر دار مصر للطباعة .
[7] سيكولوجية الطفل د. فاخر عاقل منشورات جامعة دمشق 1969 .
[8] أدب الطفولة علم وفن .أحمد نجيب ص 64 .
[9] موسى بن نصير اللخمي شيخ المجاهدين . محمد علي قطب نشر بيروت .
[10] مجمع الأمثال للميداني ج1 رقم 658ط3 بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد .
[11] أدب الأطفال علم وفن أحمد نجيب 8 .
[12] صياد السمك . للدكتور أحمد الخاني ط1 نشر دار الوراق سنة 1428 هـ .
[13] نشرت هذه القصة في مجلة الجندي المسلم السعودية عام 1405 هـ .
[14] الشاب الأعرج قصة أحمد الخاني ترجمت إلى اللغة الإنكليزية نشر.دار الوراق 1428هـ .
[15] أدب الأطفال علم وفن ص 75 .
[16] ندوة :في أدب الأطفال التلفزيون السعودي القناة الأولى مع د. أحمد الخاني بتاريخ 14 – 2 – 1431 هـ .
[17] زهرة تروي حكايتها د. أحمد الخاني نشر مدار الوطن 1428هـ .