رابطة النهر الخالد
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي
في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً
يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ
لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً
يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي
كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ
بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ
إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً
طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
رابطة النهر الخالد
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي
في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً
يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ
لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً
يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي
كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ
بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ
إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً
طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
رابطة النهر الخالد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مناقب وفضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد الحصري




عدد المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 21/12/2011

مناقب وفضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه Empty
مُساهمةموضوع: مناقب وفضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه   مناقب وفضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه Emptyالخميس يناير 31, 2013 4:53 pm

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد: فهذه بعض مناقب وفضائل حافظ الصحابة وراوية الإسلام أبي هريرة رضي الله عنه جمعتها بيانًا لفضله، وتقربًا إلى الله بحبه، وهي كثيرة ومن ذلك:



(1) كل ما ثبت في فضائل الصحابة عامة فهو ثابت في فضل أبي هريرة رضي الله عنه لأنه صحابي جليل رضي الله عنه .



(2) ثبت لأبي هريرة رضي الله عنه ما ثبت لليمن وأهلها من فضائل، لأنه دوسي يمني.



فقد أخرج البخاري ومسلم عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً؛ الْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ)).



وفي لفظ في الصحيحين عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ)).



والحديث له شاهد من حديث أبي مسعود رضي الله عنه أخرجه البخاري (3302) ومسلم رقم (51).



(3) أخرج البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ : ((بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا)) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي نَجْدِنَا قَالَ: ((اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا)).



(4) قول رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ودعائه له ولأمه رضي الله عنهما: ((اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِى أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ - إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ)).



(5) البركة في مزود أبي هريرة رضي الله عنه:

فقد أخرج أحمد و الترمذي حسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بتمرات فقلت: ادع الله لي فيهن بالبركة، قال: فصفهن بين يديه ثم دعا، فقال لي: اجعلهن في مزود -وعاء من الجلد وغيره، ويجعل فيه الزاد- وأدخل يدك ولا تنثره، قال: فحملت منه كذا وكذا وسقًا[1] في سبيل الله ونأكل ونطعم، وكان لا يفارق حقوي، فلما قتل عثمان رضي الله عنه انقطع حقوي فسقط.



وفي رواية في دلائل النبوة للبيهقي (6 /110-111): أنه قال: أُصبت بثلاث مصيبات في الإسلام لم أُصب بمثلهن:



موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت صويحبه؛ وقتل عثمان؛ والمزود.



قالوا: وما المزود يا أبا هريرة؟



قال: قلت تمر في مزود.



قال: جئ به، فأخرجت تمرًا فأتيته به



قال: فمسه ودعا فيه ثم قال: ادع عشرة، فدعوت عشرة فأكلوا حتى شبعوا، ثم كذلك حتى أكل الجيش كله وبقي من تمر معي في المزود.



فقال: يا أبا هريرة إذا أردت أن تأخذ منه شيئًا، فأدخل يدك فيه ولا تكفه



قال: فأكلت منه حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت منه حياة أبي بكر كلها، وأكلت منه حياة عمر كلها، وأكلت منه حياة عثمان كلها، فلما قتل عثمان انتهب ما في يدي، وانتهب المزود، ألا أخبركم كم أكلت منه، أكلت منه أكثر من مائتي وسق.



(6) أخرج البخاري مسلم عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (( يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا :لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى... - إِلَى قَوْلِهِ - الرَّحِيمُ﴾)).



(7) شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بأنه حريص على طلب العلم ، فقد أخرج البخاري وأحمد وغيرهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ((قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟)) فَقَالَ: ((لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ)).



وسيأتي في عنوان بيان طلبه للعلم وشهادة الصحابة له رضي الله عنه.



(Cool شهادة النبيصلى الله عليه وسلم له بالإسلام والإيمان: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ جُنُبًا فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ.



وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ.



رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعوده في مرضه ويرقيه

أخرج أحمد وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَشْتَكِي يَعُودُنِي فَقَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةٍ رَقَانِي بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام قُلْتُ: بَلَى بِأَبِي وَأُمِّي قَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ".



نصح النبي صلى الله عليه و سلم لأبي هريرة

أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((يا أبا هريرة كن ورعاً تكن أعبدَ الناس. وكن قنعاً تكن أشكرَ الناس. وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً. وأحسن جوار من تكن مسلماً. وأقل الضحك فإن كثرةَ الضحكِ تميتُ القلبَ)).



عبادته رضي الله عنه

كان رضي الله عنه صواماً قوامًا يتناوب قيام الليل، هو وزوجته، وخادمه، فيما رواه عنه أبو عثمان النهدي قَالَ: تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا يُصَلِّي هَذَا ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابهِ تَمْرًا فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ . أخرجه البخاري.



وزاد أحمد : قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تَصُومُ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلَاثًا فَإِنْ حَدَثَ لِي حَادِثٌ كَانَ آخِرُ شَهْرِي قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ وَمَا فِيهِنَّ شَيْءٌ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْهَا أَنَّهَا شَدَّتْ مَضَاغِي.



وذكر ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة أن أبا هريرة كان يسبح في كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة ويقول: أسبح بقدر ذنبي.



وفي تاريخ دمشق (67 /362) عن ابن جريج قال: قال أبو هريرة: إني أجزئ الليل ثلاثة أجزاء، فجزء لقراءة القرآن، وجزء أنام فيه، وجزء أتذكر فيه حديث رسول الله.



وجاء في تاريخ دمشق تاريخ دمشق (67 /363) عن شراحيل: أن أبا هريرة كان يصوم الاثنين والخميس.



وقال سعيد بن المسيب - رحمه الله -: رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق، ثم يأتي أهله فيقول: هل عندكم من شيء؟ فإن قالوا: لا قال: فإني صائم.[حلية الأولياء (1 /382) والبيهقي في السنن الكبرى (8172)].



وأخرج أحمد وأبو داود وابن أبي شيبة وغيرهما عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الطُّفَاوَةِ قَالَ نَزَلْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَلَمْ أُدْرِكْ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَشَدَّ تَشْمِيرًا وَلَا أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَأَسْفَلَ مِنْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ، وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى وَنَوًى يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ حَتَّى إِذَا أَنْفَذَ مَا فِي الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا فَجَمَعَتْهُ فَجَعَلَتْهُ فِي الْكِيسِ ثُمَّ دَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي بَيْنَمَا أَنَا أُوعَكُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: مَنْ أَحَسَّ الْفَتَى الدَّوْسِيَّ مَنْ أَحَسَّ الْفَتَى الدَّوْسِيَّ؟ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: هُوَ ذَاكَ يُوعَكُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيَّ وَقَالَ لِي مَعْرُوفًا فَقُمْتُ.



أخرج الإمام أحمد في الزهد (ص 192) بسنده عن ابي أيوب وهو عبد الله ابن أبي سليمان مولى عثمان بن عفان يقول كان لأبي هريرة في مخدعه مسجد وفى بيته مسجد وفي حجرته مسجد وفي داره مسجد وعلى باب داره مسجد إذا دخل صلى فيها جميعا وإذا خرج صلى فيها جميعاً.



بره بأمه

أخرج مسلم بسنده عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِىَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَبْكِى قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَىَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِىَ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- ((اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ )). فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَىَّ فَقَالَتْ مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ قَالَ - فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - قَالَ - فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِى مِنَ الْفَرَحِ - قَالَ - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا - قَالَ - قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا - قَالَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- : ((اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِى أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ - إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ )). فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلاَ يَرَانِي إِلاَّ أَحَبَّنِي.



وفي طبقات ابن سعد (4 / 328، 329) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجت يوماً من بيتي إلى المسجد، فوجدت نفراً، فقالوا: ما أخرجك ؟ قلت: الجوع.



فقالوا: ونحن والله ما أخرجنا إلا الجوع.



فقمنا، فدخلنا على رسول الله، فقال: " ما جاء بكم هذه الساعة " ؟ فأخبرناه ; فدعا بطبق فيه تمر، فأعطى كل رجل منا تمرتين.



فقال: " كلوا هاتين التمرتين، واشربوا عليهما من الماء، فإنهما ستجزيانكم يومكما من هذا ".



فأكلت تمرة، وخبأت الأخرى، فقال: " يا أبا هريرة، لم رفعتها ؟" .



قلت: لأمي.



قال: " كلها، فسنعطيك لها تمرتين ".



عتق أبي هريرة رضي الله عنه للعبيد

كان رضي الله عنه محبًا لأعمال الخير والبر؛ مسارعًا في القربات والخيرات، ومن ذلك عتق الرقاب؛ لما له من فضل عظيم وثواب جزيل، فقد أخرج الإمام أحمد في الزهد (ص 221) عن أبي المتوكل أن أبا هريرة كانت له زنجية فدعمتهم بعملها فرفع عليها السوط يوما فقال: لولا القصاص لأغشيتك به ولكن سأبيعك ممن يوفيني ثمنك اذهبي فأنت لله عز وجل.



وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : ((لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ : يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ، قال : وَأَبَقَ غُلَامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلَامُ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ )) ، فَقُلْتُ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْتَقْتُهُ )).



زهد أبي هريرة رضي الله عنه

أخرج البخاري (5414) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ فَدَعَوْهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ؛ وَقَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ.



وأخرج الإمام أحمد في الزهد (ص 221) عن أنس عن أبي هريرة قال: ألا أدلكم على غنيمة باردة؟ ؛ قالوا: ماذا يا أبا هريرة؟ قال: الصوم في الشتاء.



وأخرج أيضًا (ص 221) عن أبي السليل قال : قال أبو هريرة: ما صدقتكم أنفسكم تأملون مالا تبلغون، وتجمعون مالا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون.



وأخرج أيضًا (ص 222) عن أبي المتوكل عن أبي هريرة قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئًا من تمر فجعلته في مكتل لنا فعلقناه في سقف البيت فلم نزل نأكل منه، آخره أصابه أهل الشام حيث أغاروا بالمدينة .



وأخرج أيضًا (ص 222) حدثنا يزيد بن الأصم قال سمعت ابا هريرة يقول: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع أو الجذل في عينه.



وأخرج أيضًا (ص 223) عن ابن شوذب قال: لما حضرته الوفاة بكى، فقيل له: يا أبا هريرة ما يبكيك، قال: بعد المفازة وقلة الزاد وعقبة كؤود المهبط منها إلى الجنة أو النار.



ورعه وتقواه

أخرج البخاري عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي؛ ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي ؛ ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ.



شكر الله على نعمه

عرف أبو هريرة رضي الله عنه بكثرة ذكره لله وشكره له على نعمه؛ فقد ورد أنه صلى بالناس يومًا فلما سلم رفع صوته فقال : الحمد لله الذي جعل الدين قواماً ، وجعل أبا هريرة إماماً بعد أن كان أجيرا لابنة غزوان على شبع بطنه ، وحمولة رحله.[حلية الأولياء (1 /379)].



ويقول أبو هريرة: نشأت يتيماً، وهاجرت مسكيناً، وكنت أجيراً لبسرة بنت غزوان، بطعام بطني وعقبة رجلي، وكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدوا إذا ركبوا، فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قواماً، وجعل أبا هريرة إماماً.[أخرجه ابن ماجه (2445)].



وأخرج أحمد في الزهد (ص226 ) بسنده عن أبي يزيد المديني قال: قام أبو هريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة دون مقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بعتمة فقال: الحمد لله الذي هدى أبا هريرة الى الإسلام الحمد لله الذي علم أبا هريرة القرآن ، الحمد لله الذي مَنَّ على أبي هريرة بمحمد صلى الله عليه و سلم ، الحمد لله الذي أطعمني الخمير والبسني الحبير، الحمد لله الذي زوجني بنت غزوان بعد ما كنت أجيراً لها بطعام بطني.



طلبه للعلم

ومما يدل على إقباله رضي الله عنه على طلب العلم :

(1) أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ: ((لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ)).



(2) وأخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟ )) فقلت : أسألك أن تعلمني مما علمك الله.



(3) أخرج البخاري عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَمْ أَكُنْ فِي سِنِيَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الْحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ.



(4) أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ[2].



" ( وعاءين) : نوعين من العلم ، والوعاء في الأصل الظرف الذي يحفظ فيه الشيء . والمراد بالوعاء الذي نشره ما فيه أحكام الدين وفي الوعاء الثاني أقوال منها: أنه أخبار الفتن والأحاديث التي تبين أسماء أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقيل غير ذلك .



( بثثته): نشرته وأذعته .



( قطع هذا البلعوم ) :هو مجرى الطعام وكنى بذلك عن القتل.



وجاء عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال: لو حدثتكم بكل ما في جوفي لرميتموني بالبعر. قال الحسن :صدق والله لو أخبرنا أن بيت الله يهدم أو يحرق ما صدقه الناس"[الفقيه والمتفقه (1185)].



ومثله ما جاء عن حذيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال: " لو كنت على شاطئ نهر ، وقد مددت يدي لأغرف فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصل يدي إلى فمي حتى أقتل "[ الفقيه والمتفقه (1186)].



وأخرج البخاري بسنده عن عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ : هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ مَرْوَانُ: غِلْمَةٌ !!!! قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ.



(5) أخرج البخاري عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: "مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ".



(6) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ ضُمَّهُ فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ.



(7) ومما يدل على حرصه على العلم ما أخرجه البخاري (744) عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً؛ قَالَ: أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ.



استعمال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخلفاء له

(1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ((وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ :لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ :لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ : مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، قَالَ : مَا هِيَ ؟ قُلْتُ قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ- ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : ذَاكَ شَيْطَانٌ))[أخرجه البخاري].



(2) وأخرج البزار في مسنده عَن أبي هُرَيرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل العلاء بن الحضرمي على البحرين فاستتبعه أبا هُرَيرة فاشترط عليه أن يكون مؤذنًا ولا يسبقه بآمين.



(3) وأخرج البخاري ومسلم عن حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمِنًى أَلا لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ؛ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.



قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْل مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.



وأخرج أحمد في المسند (7977) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِبَرَاءَةٌ فَقَالَ مَا كُنْتُمْ تُنَادُونَ قَالَ كُنَّا نُنَادِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَإِنَّ أَجَلَهُ أَوْ أَمَدَهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَإِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ وَلَا يَحُجُّ هَذَا الْبَيْتَ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ؛ قَالَ: فَكُنْتُ أُنَادِي حَتَّى صَحِلَ صَوْتِي.



قال أبو جعفر الطحاوي في شرح مشكل الآثار (9 / 226 - 227) : دل حديث أبي هريرة هذا على أن التبليغ بهذه الأشياء إنما كان من أبي بكر لا من علي وهذا اضطراب في هذه الآثار شديد فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أنه ما في ذلك اضطراب كما ذكر لأن الإمرة في تلك الحجة إنما كانت لأبي بكر خاصة لا شريك له فيها وكانت الطاعة في الأمر والنهي الذي يكون فيها إلى أبي بكر لا إلى سواه فمن أجل ذلك بعث أبا هريرة في المؤذنين الذين كانوا معه ليمتثلوا ما يأمرهم به علي رضي الله عنه فيما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم له" .



ثم قال أبو جعفر الطحاوي: فدل ذلك على أن نداء أبي هريرة إنما كان بما يلقيه علي عليه وأن مصيره كان إلى علي كان بأمر أبي بكر لأن الأمر كان إليه إذ كان هو الأمير في تلك الحجة حتى رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفا منها وفيما بينا من ذلك علو المرتبة لأبي بكر رضي الله عنه في إمرته على المبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لا يصلح أن يكون المبلغ له عنه إلا هو وفيه أيضا علو مرتبة علي رضي الله عنه في اختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بما اختصه به من التبليغ عنه وفي ذلك ما يجب على أهل العلم الوقوف على منزلة كل واحد منهما حتى يؤتوه ما جعله الله له ولا ينتقصونه منه شيئا والله نسأله التوفيق انتهى.



(4) وأخرج عبد الرزاق في المصنف (11 /323) (20659) عن معمر عن أيوب عن بن سيرين أن عمر بن الخطاب استعمل أبا هريرة على البحرين فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه ، قال أبو هريرة : لست عدو الله ولا عدو كتابه ولكني عدو من عاداهما ، قال : فمن أين هي لك؟ قال: خيل لي تناتجت وغلة رقيق لي وأعطية تتابعت علي، فنظروه فوجدوه كما قال، قال: فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله فأبى أن يعمل له، فقال: أتكره العمل وقد طلب العمل من كان خيرا منك يوسف، قال : إن يوسف نبي بن نبي بن نبي وأنا أبو هريرة بن أميمة أخشى ثلاثاً واثنين، قال له عمر: أفلا قلت خمساً، قال: أخشى أن أقول بغير علم وأقضي بغير حلم ويضرب ظهري وينتزع مالي ويشتم عرضي .



(5) وجاء في البداية والنهاية (8 /121) : قال عبد الرزاق عن معمر، عن محمد بن زياد.



قال: كان معاوية يبعث أبا هريرة على المدينة فإذا غضب عليه عزله وولى مروان بن الحكم، فإذا جاء أبو هريرة إلى مروان حجبه عنه، فعزل مروان ورجع أبو هريرة، فقال لمولاه: من جاءك فلا ترده واحجب مروان، فلما جاء مروان دفع الغلام في صدره فما دخل إلا بعد جهد جهيد، فلما دخل قال: إن الغلام حجبنا عنك، فقال له أبو هريرة: إنك أحق الناس أن لا تغضب من ذلك.



والمعروف أن مروان هو الذي كان يستنيب أبا هريرة في إمرة المدينة، ولكن كان يكون عن إذن معاوية في ذلك والله أعلم. انتهى



وأخرج عبد الرزاق في المصنف (11 / 323) ( 20660) عن أبي هريرة أنه قال: ويل للأمناء ويل للعرفاء، ليتمنين أقوام يوم القيامة أنهم كانوا معلقين بذوائبهم من الثريا وأنهم لم يكونوا ولوا شيئا قط.

هذا ما تيسر والله من وراء القصد.
--------------------------------------------------------------------------------

[1] الوسق: 50كيلة = 4 أردب وكيلتان.

[2] أخرجه البخاري (120). وقال ابن المنير : وجعل الباطنية هذا الحديث ذريعة إلى تصحيح باطلهم حيث اعتقدوا أن للشريعة ظاهر وباطنا وذلك الباطن إنما حاصله الانحلال من الدين قال : وإنما أراد أبو هريرة بقوله : قطع أي أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم وتضليله ويؤيد ذلك أن الأحاديث المكتوبة لو كانت من الأحكام الشرعية ما وسعه كتمانها لما ذكره في الحديث الأول من الآية الدالة على ذم من كتم العلم وقال غيره : يحتمل أن يكون أراد مع الصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم في آخر الزمان فينكر ذلك من لم يألفه ويعترض عليه من لا شعور له به. انظر : فتح الباري (1 / 216).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مناقب وفضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من مناقب وأخلاق أم المؤمنين عائشة رضِي الله عنها
» كلمات عابره ولكن اعجبتني (في مدح رسول الله صلي الله عليه وسلم)
» الغبار جند من جنود الله فتضرعوا ياعباد الله
» " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
» ســـــــــــبـــــــحــــــــــــــان الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رابطة النهر الخالد :: ادب وفنون :: السير والتراجم-
انتقل الى: