من نبع هديك تستقي الأنوار .. وإلى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة .. دينا يعزُّ بعزه الأخيار
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعها .. وتسامقت فى روضها الأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيدٍ .. صدقتْ به وبدينه الأخبار
أصغت اليك الجن وانبهرت .. بما تتلو، وعَمَّ قلوبها استبشار
يا خير من وطيءَ الثرى وتشرفت .. بمسيره الكثبان والأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجهه .. شمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفت .. بك هجرة وتشرَّفَ الأنصار
أنْشَأْتَ مدرسة النبوة فاستقى .. من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها وحديثها .. ولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلما .. شَرُفَتْ به وبعلمه الآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك ثُلَّةً .. بالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع أغلقوا .. فمها ، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهم .. وإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهم .. وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، .. فما مضوا إلا وأفئدة العباد عَمَار
لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه .. لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْ .. أصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍ .. وأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها .. آفاقَنا ، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فى .. كل الأمور ، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما .. شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من .. قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه .. إن لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها .. وهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر .. بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا .. يدٌ وصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى .. من به وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة .. فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافر .. ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍ .. يشكو اندحار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع، أمامها .. وهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها .. من قبل أن يتحرك الإعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا .. جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم يزل .. متخبِّطاً فى موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى .. ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهم .. نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا .. فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى .. بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما ( دانمركُ ) القوم ، ما ( نرويجهم ) ؟ .. يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم .. حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلما .. يجري ( صديدٌ ) فى القلوب ، و قَارُ
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرى .. بك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ .. فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، وللدموع حكايةٌ .. عن مثلها تتحدَّث الأمطار :
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا .. أسمى ، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ
لكنه ألم المحب يزيده شرفاً .. ، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم .. ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيارُ