هو ثمامة بن أثال بن النعمان الحنفي أبو أمامة اليمامي.
قصة إسلام ثمامة بن أثال:
عن أبي هريرة قال: كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أن رسول الله دعا الله حين عرض لرسول الله بما عرض أن يمكنه منه, وكان عرض لرسول الله وهو مشرك فأراد قتله فأقبل ثمامة معتمرًا وهو على شركه حتى دخل المدينة فتحير فيها حتى أخذ فأتى به رسول الله فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد فخرج رسول الله عليه فقال: "ما لك يا ثمام هل أمكن الله منك", فقال: قد كان ذلك يا محمد, إن تقتل تقتل ذا دم, وإن تعف تعف عن شاكر, وإن تسأل مالاً تعطه, فمضى رسول الله وتركه, حتى إذا كان من الغد مر به فقال: "ما لك يا ثمام", قال: خير يا محمد؛ إن تقتل تقتل ذا دم, وإن تعف تعف عن شاكر, وإن تسأل مالاً تعطه ثم انصرف رسول الله قال أبو هريرة: فجعلنا المساكين. نقول بيننا: ما نصنع بدم ثمامة والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة, فلما كان من الغد مر به رسول الله فقال: "ما لك يا ثمام" قال: خير يا محمد, إن تقتل تقتل ذا دم, وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالاً تعطه, فقال رسول الله : "أطلقوه قد عفوت عنك يا ثمامة"..
فخرج ثمامة حتى أتى حائطًا من حيطان المدينة فاغتسل فيه وتطهر وطهر ثيابه, ثم جاء إلى رسول الله وهو جالس في المسجد فقال: يا محمد لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك, ولا دين أبغض إلي من دينك, ولا بلد أبغض إلي من بلدك, ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك, ولا دين أحب إلي من دينك, ولا بلد أحب إلي من بلدك؛ وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, يا رسول الله إني كنت خرجت معتمرًا وأنا على دين قومي فأسرني أصحابك في عمرتي؛ فسيرني صلى الله عليك في عمرتي فسيره رسول الله في عمرته وعلم,ه فخرج معتمرًا, فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد قالوا: صبأ ثمامة فقال: والله ما صبوت ولكنني أسلمت وصدقت محمدًا وآمنت به, والذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة -وكانت ريف أهل مكة- حتى يأذن فيها رسول الله وانصرف إلى بلده, ومنع الحمل إلى مكة فجهدت قريش, فكتبوا إلى رسول الله يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام؛ ففعل ذلك رسول الله, ولما ظهر مسيلمة وقوي أمره أرسل رسول الله فرات بن حيان العجلي إلى ثمامة في قتال مسيلمة وقتله.
موقف ثمامة بن أثال مع المشركين :
كانت ميرة قريش ومنافعهم من اليمامة ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم, فلما أضر بهم كتبوا إلى رسول الله إن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم وتحض عليها, وإن ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا, فإن رأيت أن تكتب إليه أن يخلى بيننا وبين ميرتنا فافعل, فكتب إليه رسول الله : "أن خل بين قومي وبين ميرتهم".
من أهم ملامح شخصية ثمامة بن أثال :
الثبات :
قال محمد بن إسحاق ارتد أهل اليمامة عن الإسلام غير ثمامة بن أثال ومن اتبعه من قومه فكان مقيمًا باليمامة ينهاهم عن اتباع مسيلمة وتصديقه ويقول: إياكم وأمرًا مظلمًا لا نور فيه وإنه لشقاء كتبه الله على من أخذ به منكم وبلاء من لم يأخذ به منكم يا بني حنيفة, فلما عصوه ورأى أنهم قد أصفقوا على اتباع مسيلمة عزم على مفارقتهم ومر العلاء بن الحضرمي ومن تبعه على جانب اليمامة, فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين: إني والله ما أرى أن أقيم مع هؤلاء مع ما قد أحدثوا وإن الله تعالى لضاربهم ببلية لا يقومون بها ولا يقعدون وما نرى أن نتخلف عن هؤلاء وهم مسلمون وقد عرفنا الذي يريدون وقد مر قريبًا ولا أرى إلا الخروج إليهم, فمن أراد الخروج منكم فليخرج فخرج ممدًا العلاء بن الحضرمي ومعه أصحابه من المسلمين, فكان ذلك قد فت في أعضاد عدوهم حين بلغهم مدد بني حنيفة.
أثر ثمامة بن أثال في الآخرين :
كان ثمامة بن أثال الحنفي يقشعر جلده من ذكر مسيلمة وقال يومًا لأصحابه: إن محمدًا لا نبي معه ولا بعده, كما أن الله تعالى لا شريك له في ألوهيته فلا شريك لمحمد في نبوته, ثم قال: أين قول مسيلمة: يا ضفدع نقى نقى كم تنقين لا الماء تكدرين ولا الشرب تمنعين من قول الله تعالى الذي جاء به محمد : {حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: 1- 3], فقالوا: أوقح بمن يقول مثل ذلك مع مثل هذا; قيل: فأطاعه ثلاثة آلاف وانحازوا إلى المسلمين, فلما قدم خالد بن الوليد اليمامة شكر ذلك له وعرف به صحة إسلامه.
من كلمات ثمامة بن أثال :
قال ثمامة بن أثال حين ارتد من ارتد من أهل اليمامة:
دعانا إلى ترك الديانة والهدى *** مسيلمة الكذاب إذ جاء يسجع
فيا عجبًا من معشر قد تتابعوا *** له في سبيل الغي, والغي أشنع
في أبيات كثيرة ذكرها ابن إسحاق في الردة وفي آخرها:
وفي البعد عن دار وقد ضل أهلها *** هدى واجتماع كل ذلك مهيع
من كلماته لقومه ينهاهم عن اتباع مسيلمة: "إياكم وأمرًا مظلمًا لا نور فيه, وإنه لشقاء كتبه الله على من أخذ به منكم, وبلاء على من لم يأخذ به منكم يا بني حنيفة".
وفاة ثمامة بن أثال :
ذكر ابن إسحاق أن ثمامة ثبت على إسلامه لما ارتد أهل اليمامة وارتحل هو ومن أطاعه من قومه فلحقوا بالعلاء الحضرمي فقاتل معه المرتدين من أهل البحرين, فلما ظفروا اشترى ثمامة حلة كانت لكبيرهم, فرآها عليه ناس من بني قيس بن ثعلبة فظنوا أنه هو الذي قتله وسَلَبَه، فقتلوه.