يوم الاثنين الماضي 22 إبريل نشرت جريدة "الشعب" تحت عنوان "وشهد شاهد من أهلها" رأي النظام السابق في المؤسسة القضائية التي يعتبر البعض أنها تضم أخطر خلايا الدولة العميقة المقاومة للتغيير والداعمة لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير أو ما يسمى بالثورة المضادة.
في كلمته التي ألقاها أمام لجنة الشئون التشريعية والدستورية في مجلس الشعب في يناير 2007 وصف المستشار ممدوح مرعي وزير العدل في عهد مبارك القضاء المصري بالمتردي، وقال "لدينا أكثر من 2000 قاضٍ ورئيس محكمة ولكن للأسف أغلبهم دون المستوى، مضيفًا "لو قدرت تطلع منهم 200 أو 300 قاضٍ على المستوى المطلوب تبقى جدع".
معنى ذلك أن البكاء على إحالة 3000 قاضٍ من ذوي الخبرات والكفاءات إلى التقاعد بتخفيض السن إلى 60 عامًا لا قيمة له، فعلى لسان النظام المخلوع قد لا يتجاوز عدد من هم على المستوى المطلوب 200 قاض.
الانهيار لن يكون بتخفيض السن فقد تحدث وزير عدل مبارك وقتها عن أن المحاكم بدأت تنهار فعلًا بسبب المجاملات والترقيات الاستثنائية، وهذا مسجل بمضبطة مجلس الشعب.
لماذا لم يعتبر بعض القضاة ذلك الكلام إهانة لهم، بل شيدوا حوائط الصمت حولهم، كأن من حق النظام السابق أن يعبط ويسخر ويستهزئ بمن يفيض بنعمته عليهم؟!!
"الشعب" أعادت كذلك تصريحات نشرتها جريدة "صوت الأمة" في مايو 2011 للمستشار محمد بيومي نائب رئيس مجلس الدولة قال فيها إن الرئيس المخلوع كان يتدخل في أعمال القضاء من خلال ممارسته ضغوطًا على بعض رؤساء الهيئات القضائية وكان يتحدث معهم في بعض القضايا في أثناء حلفهم اليمين.
في 26 إبريل 2011 نقلت جريدة الوفد عن المستشار أشرف زهران القاضي بمحكمة استئناف الإسماعيلية والعضو السابق في مجلس إدارة نادي القضاة قوله لقناة "مودرن حرية" إن زكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس المخلوع وجمال مبارك وقفا ضد استقلال القضاء وطلبا من وزير العدل وقتها المستشار محمود أبو الليل سحب موافقته على نقل التفتيش القضائي من وزارة العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء وعندما رفض أقيل من منصبه وتم تعيين المستشار ممدوح مرعي بدلًا منه والأخير معروف بتعامله العنيف مع القضاة.
يضيف المستشار زهران أن القضاة طلبوا عدة مرات مقابلة مبارك لعرض مشاكلهم عليه ولكن كان الرد يأتي بأن الرئيس مشغول ولديه مسئوليات كثيرة.
لم نسمع حينها قاضيًا من أسود اليوم يرفع صوته بالاعتراض، ولكن كان هناك تيار الاستقلال بمواقفه القوية وإذ يدافع الآن عن استقلال القضاء فهو دفاع له تقديره وماضيه المشرف، المشكلة فقط في من خلع ثوب نعامة الأمس استغلالًا لأجواء الديمقراطية، فنسمعهم يلوحون برفض لقاء مرسي، يطالبونه بالاعتذار ويوجهون الإنذارات له من برجهم العاجي في ناديهم النهري بتدويل أزمتهم في الجنائية الدولية.
مبلغ علمي أن الجنائية الدولية كانت موجود أيضًا أثناء انتهاكات مبارك للقضاة، وأن مصر كانت موقعة على المعاهدات والمواثيق الدولية التي يهدد بها أحمد الزند.
يقول ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء إن الاعتداء الكامل على القضاة حدث في العهد البائد بسبب إتاحة الفرصة للسلطة التنفيذية للتوغل في شئون القضاء، فكانت تتجرأ على أحكام محكمة القضاء الإداري ولم تنفذها.
يذكرنا أمين بما تعرض له القضاء بين عامي 2006 و2007 خلال أزمة القضاة الذين تم تشويههم من قبل إعلام مبارك. للمفارقة إنه نفس "إعلام الردح" الذي يدعي الآن الدفاع عن استقلال القضاء. ويشير أمين إلى مؤتمر العدالة الأول الذي حضره الرئيس المخلوع مع نادي القضاة عام 1986 وبعدها أخذ منهم موقفًا حادًا ولم يحضر لهم أي مؤتمر إلا في نهاية عهده 2010. ويوضح أن نظام مبارك اختلق المجلس الأعلى للهيئات القضائية وهو مجلس سياسي طالب جميع القضاة المستقلين بحله.
قضاة بارزون ينتمون لتيار الاستقلال القضائي كشفوا أن التدخل الحكومي في شؤون القضاء في عهد مبارك كان يصل إلى حد إرسال الأسئلة بالإجابات المطلوبة في قضايا مثل تزوير الانتخابات البرلمانية، وكان ذلك العهد حريصًا على دفع القضاة للهاث وراء مصالحهم الشخصية.
المستشار محمد عطية أحد قيادات تيار الاستقلال القضائي يقول "كانوا يرسلون لنا الأسئلة المطلوبة في بعض القضايا كتزوير الانتخابات والإجابات المطلوبة لها أيضًا". وأشار إلى أن بعض القضاة كانوا يقبلون ذلك، وأنه بشكل شخصي رفض القبول بمثل هذا السلوك. (نقلًا عن اليوم السابع 30 سبتمبر 2011).
في نفس الموضوع اعتبر المستشار هشام جنينة رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة أن القضاء طاله ما طال بقية المؤسسات والهيئات من فساد، فأصبح القضاة يلهثون وراء مصالحهم الشخصية. وطالب بمعايير موضوعية مجردة لاختيار القاضي دون الاعتماد على التقديرات العلمية فقط، مقترحًا إنشاء أكاديمية قضائية يلتحق بها الطالب بعد تخرجه لمدة عامين لينمي من خلالها قدراته الشخصية وكفاءته المهنية.
المستشار جنينة عقد مقارنة بين مشروع قانون السلطة القضائية المقدم من رئيس نادي القضاة أحمد الزند والمشروع الآخر المقدم من المستشار مكي (كان ذلك طبعًا قبل توليه وزارة العدل) معتبرًا أن مشروع الزند ينظر إلى استقلال القضاة على أنه مجرد مطلب فئوي.
الحق أنه أثبت ذلك في عمومية النادي يوم الأربعاء الماضي فقد نظر لاستقلال القضاء على أنه مجرد مادة تضاف إلى الدستور تنص على أن سن التقاعد 70 عامًا على الأقل للقضاة..
ولله الأمر من قبل ومن بعد...