الوحدة الروحية

عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 31/12/2011

أصبحنا في عصر يتطور سريعا ،ويزداد بذلك تشابكا وتعقيدا ،ومع تطور وسائل الاتصال أصبح من السهل التواصل مع أي إنسان في أي مكان حول الأرض في لمح البصر.
وعلى عكس المتوقع من هذا التطور التقني ،زاد من يشكون من الوحدة التي أخذت شكلا أعمق وأوسع ؛فلم يعد ساكنوا الصحراء أو الأماكن البعيدة قليلة السكان هم من يشتكون من الوحدة ،بل نرى الآن من يعيش في أكثر الأماكن صخبا وضجيجا هم أكثر من يشتكي من الوحدة.
إن تلك الوحدة الجديدة والتي يتسم بها ذلك العصر ليست وحدة الأجساد والافتقاد إلى الشخوص ،فقد يشعر الإنسان بالوحدة في جمع كثيف من الناس ،بل لقد صارت وحدة روحية.
الوحدة الروحية في حقيقة الأمر أخطر وأعمق من الوحدة الجسدية التي تزول بوجود الأنيس والرفيق ،وذلك أن الإنسان الذي يشعر بالوحدة الروحية يبحث عن الأرواح لا الأجساد التي تتفق مع روحه المتميزة بطابع خاص ،ذلك الطابع الذي يندر تماثله بين البشر.
إن إنسان ذلك العصر الذي يشعر بالوحدة الروحية ،إنما يبحث في الحقيقة عن نفسه وروحة المتمثلة في شخص آخر ،إنه يبحث عن أنيس الروح والذي يشعر معه بنفسه التائهة وسط ضجيج الزمن المعاصر وتشابكه وتعقيده.
إن ذلك التشابك والتعقيد انعكس على طبائع البشر وأرواحهم ،حتى صارت الرؤية لحقيقة الأشخاص مشوشة وغير واضحة ،وكثيرا ما ننخدع في مظهر بعض الأشخاص ونظنهم قريبين منا وهم أبعد ما يكونون عنا طبيعة وروحا.
مسكينة هي روح الإنسان المعاصر التي أضحت تصرخ بقوة في بحثها عن أنيس الروح ،أو الصورة المقابلة لصورتها في مرآة الحياة من غير جدوى ،حتى تصاب في كثير من الأحيان بأصعب الأمراض النفسية وعلى رأسها الاكتئاب المزمن.

Admin عدد المساهمات : 57 تاريخ التسجيل : 19/12/2011

دائما متألق ياأستاذ إيهاب بارك الله فيك- كن دائما معنا متواصلا مشاركا بإبداعاتك
لك تحياتي وتحيات أعضاء المكتب الرئيسي لرابطة التهر الخالد بالإسماعيلية

» نور الدين محمود وبناء الوحدة الإسلامية