كلمات الدكتور مرسى الحازمة أمس وتلميحه إلى إجراءات استثنائية فتحت باب الأمل لمحبطين كثيرين من الانفلات الأمنى البالغ الذى تحركه أصابع، ربما تزيد عن إصبعين أو ثلاثة كما قدر رئيس الجمهورية فى خطابه. لا يخفى أن تأثير لغته القوية كان مباشرا وسريعا على مستوى الشارع ومستوى محركى الفتنة من نشطاء وإعلاميين.
هذا ما انتظرناه منه طوال الشهور الماضية لصيانة أمن الناس وإنجاح العملية الديمقراطية نفسها، فما كان يبديه من سماحة فى حقوقه وصلت إلى قوله إنه ليست له حقوق، جرأت على توجيه الإهانات البذيئة له والإقلال من شأنه، وكان من شأن ذلك إسقاط هيبة الدولة كلها، لدرجة أن المحرض الرئيسى فى موقعة المقطم أحمد أبو دومة أعلن أنه لن يستجيب لاستدعاء النائب العام لأنه غير شرعى ونائب خصوصى لمرسي، وهو ما أكده أيضا المحرض الأول مكرر حازم عبدالعظيم. القانون يحتم إصدار أمر ضبط وإحضار لهما فى هذه الحالة ويجب على الشرطة تنفيذ ذلك فورا، لكننا نسأل بغيظ.. لماذا تركوا توفيق عكاشة يفلت من بين أيديهم بمجرد تهديده بإطلاق النار على نفسه، مع أن عليه حكما بالنفاذ 6 أشهر سجنا؟!!
نعم.. من أجل الوطن لابد من أن يكون رئيس الجمهورية حاسما لأن قوته تمنح الاطمئنان لشعبه والرعب للبلطجية الذين أصبحوا بالفعل ميليشيات جاهزة تحت الطلب، جرى تأجير طلعة الواحد منهم إلى جبل المقطم بـ300 جنيه، وعندما تأخر توزيع المبالغ المالية على بعضهم هددوا بالانسحاب والرجوع.
معظم البلطجية معروفون للشرطة، فهم مسجلون "خطر"، ويمكن بإجراء استثنانى لمهم فى ساعة واحدة، وكانت الداخلية تفعل ذلك مرارا فى عهد حبيب العادلى، ثم تعيد إخراجهم لاستخدامهم، فهم تحت الرقابة المستمرة، حركاتهم مرصودة. وأتخيل أن يتخذ الرئيس مرسى إجراء استثنائيًا سريعًا بوضعهم فى معتقلات تطول أو تقصر طبقا لاستقرار الحالة الأمنية وتوقف التحريض السياسى والإعلامي، مع قيام الأجهزة الرقابية بجهد واضح وحقيقى للحد من الأموال التى يتم غسيلها بغزارة من رجال أعمال فاسدين وجهات أخرى لتمويل ميليشيات البلطجية.
إعمال القانون العادى يصب فى صالح البلطجية والمجرمين وهم أكثر المستفيدين منه فى ظل عدالة بطيئة وقضاء يطلق سراح كل من يتم القبض عليه متلبسا بالحرق والسلاح الأبيض. على سبيل المثال الشاب الذى كان يرفع يديه مبتهجًا أمام حافلة تحترق بكاملها فى المقطم ومعه أدوات إشعال النار، هو نفسه الذى كان بجانب حريق المجمع العلمي.. بنفس حركات يديه وإشارات أصابعه الموحية بنجاحه فى تحقيق الهدف المطلوب، كأنه يرسلها عبر الفضائيات إلى الجهة التى مولته ودفعته لتلك الجريمة. وتكررت مشاهد ذلك الشاب أمام احتراق عدة سيارات شرطة قرب ميدان التحرير وأسفل كوبرى أكتوبر.
إنه بلطجى ينفذ جرائمه على الهواء مباشرة وغيره العشرات الذين يتم الزج بهم بسهولة فى مهنة مأمونة من العواقب فى ظل قانون أعرج، وها هم يعودون بعائد كبير وسهل لا يكلف أكثر من زجاجة مولوتوف مدفوع ثمنها هى أيضا.
كلمات الرئيس أخافت من على رءوسهم بطحة وما أكثرهم، لكن القلق سينتهى بعد أيام قليلة إن اكتفى بذلك ولم يتخذ ما يطالبه به الشعب الصامت من قرارات قوية وتفعيلها. قالها السادات فى زمانه: "للديمقراطية أنياب وأظافر"، وهى كلمة حق فى المراحل الانتقالية التى تتصف بضعف الأدوات التى تنفذ القانون متمثلة فى الشرطة والقضاء، وكلاهما يضم جزءا كبيرا لا يعمل لصالح الديمقراطية ويخطط لإفشال رئيس الجمهورية كأول رئيس مدنى فى تاريخ مصر.
على الرئيس أن يغضب لنفسه وشعبه ووطنه.. للعشرات الذين تراق دماؤهم فى حفلات تجار السياسة الذين يدعون وصلا بالمعارضة السلمية وهم أشرس خصومها. لا يجب إهدار الوقت فى الحوار مع هؤلاء، فهم لا يستحقونه ومصر أكبر وأحب إلينا من أن نتخذهم طرفًا فى حوار بشأن مستقبلها.