أفحم الفريق أول عبدالفتاح السيسي الذين حرروا توكيلات له للانقلاب ونزول الجيش. رسالة غير عادية وجهها في توقيت حاسم وأمام جمع شمل شخصيات عامة وفنانين كعادل إمام قال فيها "الجيش نار لا تلعبوا به ولا تلعبوا معه. الوقوف 10 أو 15 ساعة أمام صناديق الانتخابات أفضل من تدمير البلد. لا يجب أن يفكر أحد أن الحل بالجيش وعليكم ألا تغضبوا".
كلمات واضحة حاسمة وضعت نهاية لأحلام راودتهم بوجود دولة للجيش مستقلة عن رئيس الجمهورية يمكنها أن تنقلب عليه في لحظة وتقوده من القصر إلى المعتقل. وقد نفخت جبهة الإنقاذ وتيار حمدين صباحي وإعلام النظام السابق وسماسرة السياسة في تلك الأحلام بغية إسقاط الدولة المدنية التي يجلس على رأسها رئيس جاء عبر الصندوق.
أضغاث أحلام ليس حبًا في العسكر الذي هتفوا بسقوطه يومًا ما ورفعوا أحذيتهم على رموزه في مظاهرات ماسبيرو وغيرها وتشجعوا على محاولة اقتحام وزارة الدفاع لولا ظهور العين الحمراء التي طاردتهم حتى لاذوا بالفرار إلى العباسية، ولكنها رغبة في الخلاص من رئيس لم يستطيعوا منافسته في صناديق الانتخابات وما زالوا ببلادة تلميذ لا يذاكر فيخشون دخول الانتخابات البرلمانية.
لذلك نصحهم السيسي ببذل الجهد والوقوف ساعات قليلة أفضل من الاتجاه إلى تدمير البلد بتحريض الجيش على النزول.
التلميذ البليد لا يحب من ينصحه بالمذاكرة وبذل قليل من الجهد لأنه بطبعه كسول وخامل، لذلك شن هؤلاء فورًا حملة عنيفة على السيسي فقد أغلق نهائيًا الباب الذي انتظروا فتحه ونظموا حملات توكيلات من أجله، حتى إن المخرج خالد يوسف القيادي بتيار حمدين صباحي كان قد فرش له ورودًا عبر برنامج وائل الإبراشي قبل أيام بقوله إن الشعب المصري بذكائه الفطري سيجد طريقة للتخلص من بحر الدم المتوقع في حالة خلع مرسي من الحكم!
طبعًا تحريض سافر يستخف بنتائج توريط الجيش في انقلاب عسكري، لكن السيسي ليس بالخب ولا الخب يخدعه، فهو كقائد عام واعٍ يقيس كل خطوة بأبعادها الاستراتيجية الدقيقة وليس بخبرات مخرج متواضع المستوى في مجاله.
في رسالته الخطيرة والحاسمة قال السيسي "كان من الممكن أن أختار عدم الخوض في الحديث السياسي اليوم لكني أردت أن أؤكد رسالة.. الوظيفة اللي أنا فيها في منتهى الخطورة، ولا أستطيع مقابلة الله بدم المصريين، ولازم تعرفوا أن القرار ده من إبريل 2010 وده قرار استراتيجي".
مشيخة الأزهر أسقطت أيضًا مزاعم الحالمين بدولتها المستقلة والتي استفزوها مرارًا خلال الشهر الماضي بخلق وهم ترصد الدولة بالإمام الأكبر لإسقاطه وأخونة المنصب متجاهلين أن الدستور الجديد الذي يوصف بالإخواني حصن منصب الشيخ لأول مرة في تاريخه.
المشيخة أصدرت بيانًا حاسمًا أيضًا بأن الشيخ أحمد الطيب وجميع أعضاء هيئة كبار العلماء يحوزون على احترام كل المسئولين في الدولة، وطالبت القوى السياسية أن تتوقف عن الزج بالأزهر في عملية الاستقطاب السياسي.
لم تتوقف عنذ هذا الحد بل ضربت كرسي في "كلوب" الحفلة التي أقامها إعلام النظام السابق بشأن جولات الشيخ الأخيرة في بعض دول الخليج والمزاعم بأن لها أبعادًا سياسية واتفاقات بينه وبين حكوماتها.
أكدت المشيخة أنه "لا علاقة لجدول زيارات الطيب بأي أمر مما توهمه البعض، ومشيخة الأزهر تعي تمامًا أنها بعراقتها ومصداقيتها، ودورها العلمي والدعوي جزء من الدولة المصرية، مع كونها في الوقت نفسه ملكًا لجميع المسلمين عربًا وغير عرب".
ماذا بقي للحالمين بإسقاط مصر الواحدة بعد أن أسقط رأسا المؤسستين العسكرية والأزهرية أوهامهم بأن كلًا منهما دولة مستقلة عن رئيس الجمهورية وذات سيادة؟!
مظهر شاهين يبدو أنه لم يفهم بيان الأزهر فخطب الجمعة الماضية محذرًا من المساس بالإمام الأكبر، وعلى شاكلته فعل التيار الشعبي الذي قام بزيارة لمكتبه تقدمها حمدين صباحي لإعلان مساندته.
ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن الإعلامية سلمى ابنة حمدين صباحي الذي يدعو لاحترام سيادة القانون رفضت المثول أمام القضاء (لأكون دقيقًا حتي كتابتي لهذه السطور) للتحقيق معها في بلاغ من 20 شخصًا بينهم رئيس محكمة و3 لاعبي كرة قدم يتهمونها بالاستيلاء على 41 ألفا و400 دولار بحجة استثمارها في شركة إنترنت مقابل ربح شهري ولم تف بوعدها.