النحت في اللغة العربية[1]
الدكتور محمد السيد علي بلاسي[2]
أ - تعريفه:
الاشتقاق الكبَّار[3] أو النحت في أصل اللغة: هو النشر والبري والقطع[4].
يقال: نحت النجَّار الخشب والعود إذا براه وهذَّب سطوحه، ومثله في الحجارة والجبال؛ قال - تعالى -: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾ [الشعراء: 149].
والنحت في الاصطلاح: أن تعمد إلى كلمتين أو جملة فتنزع من مجموع حروف كلماتها كلمة فذَّة تدلُّ على ما كانت عليه الجملة نفسها، ولما كان هذا النزع يشبه النحت من الخشب والحجارة سمي نحتًا[5].
وهو في الاصطلاح عند الخليل بن أحمد: "أَخْذُ كلمة من كلمتين متعاقبتين واشتقاق فعل منها"[6].
ويعتبر الخليل بن أحمد (ت 175هـ) هو أوَّل مَن اكتشف ظاهرة النحت في اللغة العربية حين قال: "إن العين لا تأتلف مع الحاء في كلمة واحدة لقُرْبِ مخرجيهما، إلاَّ أن يشتقَّ فعل من جمع بين كلمتين مثل (حي على) كقول الشاعر:
أَقُولُ لَهَا وَدَمْعُ العَيْنِ جَارٍ
أَلَمْ يَحْزُنْكِ حَيْعَلَةُ المُنَادِي؟!
فهذه كلمة جمعت من (حي) ومن (على)، ونقول منه (حيعل، يحيعل، حيعلة..."[7].
هذا، ويعرف الدكتور نهاد الموسى النحت بقوله: هو بناء كلمة جديدة من كلمتين أو أكثر أو من جملة، بحيث تكون الكلمتان أو الكلمات متباينة في المعنى والصورة، وبحيث تكون الكلمة الجديدة آخِذة منها جميعًا بحظ في اللفظ، دالَّة عليها جميعًا في المعنى[8].
ويعتبر تعريف الدكتور نهاد الموسى المذكور هو أشمل تعريف للنحت؛ حيث استقاه صاحبه من مجموع تعريفات السابقين.
ب - صور النحت في اللغة العربية:
لقد ورد النحت في اللغة العربية على صور عديدة أهمها[9]:
1- تأليف كلمة من جملة لتؤدِّي مؤدَّاها، وتفيد مدلولها، كـ(بسمل) المأخوذة من (بسم الله الرحمن الرحيم)، و(حيعل) المأخوذة من (حي على الصلاة، حي على الفلاح)، وما ورد في كلام العرب:
لَقَدْ بَسْمَلَتْ لَيْلَى غَدَاةَ لَقِيتُهَا
فَيَا حَبَّذَا ذَاكَ الحَبِيبُ المُبَسْمِلُ
2- تأليف كلمة من المضاف والمضاف إليه، عند قصة النسبة إلى المركب الإضافي إذا كان علمًا؛ كـ(عبشمي) في النسبة إلى عبدشمس، و(عبدري) في النسبة إلى عبدالدار.
3- تأليف كلمة من كلمتين أو أكثر "تستقلُّ كلُّ كلمة عن الأخرى في إفادة معناها تمام الاستقلال؛ لتفيد معنًى جديدًا بصورة مختصرة، وهذا النوع كثير الورود في اللغات الأوربية، قليل في العربية وأخواتها السامية، ولم تعرف منه إلا بعض ألفاظ نتيجة تخريج لبعض العلماء... من ذلك (لن) الناصبة، ويرى الخليل أنها مركبة من (لا) النافية و(أن) الناصبة و(هلم): يرى الفرَّاء أنها من (هل) الاستفهامية، ومن فعل الأمر (أُمَّ) بمعنى أقصد وتعال، وقيل: إنها مركبة من (هاء التنبيه) و(لم) بمعنى ضم، و(أيَّان) الشرطية مركبة من (أي، آن) فحذفت همزة (آن) وجعلت الكلمتان كلمة واحدة متضمنة معناهما، وغير خافٍ أن وجود هذا القسم رهن بافتراضات جدلية وخلافات بين العلماء.
ج - الغرض من النحت[10]:
1- تيسير التعبير بالاختصار والإيجاز، فالكلمتان أو الجملة تصير كلمة واحدة بفضل النحت، يقول ابن فارس: "العرب تنحت من كلمتين كلمة واحدة، وهو جنس من الاختصار، وذلك مثل: (رجل عبشمي) منسوب إلى اسمين[11]، هما عبد وشمس.
2- وسيلة من وسائل تنمية اللغة وتكثير مفرداتها؛ حيث اشتقاق كلمات حديثة لمعانٍ حديثة، ليس لها ألفاظ في اللغة، ولا تفي كلمة من الكلمات المنحوت منها بمعناها.
د- أقسام النحت[12]:
قام المتأخِّرون من علماء اللغة من خلال استقرائهم للأمثلة التي أوردها الخليل بن أحمد وابن فارس بتقسيم النحت إلى أقسام عدَّة، يمكن حصرها فيما يلي:
1- النحت الفعلي: وهو أن تنحت من الجملة فعلاً يدلُّ على النطق بها، أو على حدوث مضمونها، مثل (جعفد) من: (جعلت فداك)، و(بسمل) من: (بسم الله الرحمن الرحيم).
2- النحت الوصفي: وهو أن تنحت كلمة واحدة من كلمتين تدلُّ على صفة بمعناها أو بأشد منها، مثل: (ضبطر) للرجل الشديد مأخوذة من (ضبط وضبر).
3- النحت الاسمي: وهو أن تنحت من كلمتين اسمًا، مثل (جلمود) من (جمد، وجلد)، و(حبقر) للبرد، وأصله (حب، قر).
4- النحت النسبي: وهو أن تنسب شيئًا أو شخصًا إلى بلدتي: (طبرستان) و(خوارزم) مثلاً، تنحت من اسميهما اسمًا واحدًا على صيغة اسم المنسوب، فتقول: (طبرخزي)؛ أي: منسوب إلى المدينتين كلتيهما، ويقولون في النسبة إلى الشافعي وأبي حنيفة (شفعنتي)، وإلى أبي حنيفة والمعتزلة: (حنفلتي)، ونحو ذلك كثير.
5- النحت الحرفي: مثل قول بعض النحويين: إن (لكن) منحوتة، فقد رأى الفراء أن أصلها (لكن أن) طرحت الهمزة للتخفيف ونون (لكن) للساكنين، وذهب غيره من الكوفيين إلى أن أصلها (لا)، (أن) والكاف الزائدة لا التشبيهية، وحذفت الهمزة تخفيفًا[13].
6 - النحت التخفيفي: مثل (بلعنبر) في (بني العنبر)، و(بلحارث) في (بني الحارث)، و(بلخزرج) في (بني الخزرج)؛ وذلك لقرب مخرجي النون واللام، فلمَّا لم يمكنهم الإدغام لسكون اللام حذفوا، كما قالوا: مست وظلت، وكذلك يفعلون بكل قبيلة تظهر فيها لام المعرفة، فأمَّا إذا لم تظهر اللام فلا يكون ذلك؛ مثل: بني الصيداء، وبني الضباب، وبني النجار[14].
7- وهناك تأويلات ألفاظ قائمة على وجوه فكهة يمكن حملها على النحت؛ وذلك كالذي أورده الجاحظ (ت 255هـ) عن أبي عبدالرحمن الثوري، إذ قال لابنه: "...أي بني، إنما صار تأويل الدرهم دار الهم، وتأويل الدينار، يدني إلى النار"[15].
ومنه: "كان عبدالأعلى إذا قيل له: لِمَ سمي الكلب سلوقيًّا؟ قال: لأنه يستلُّ ويلقي، وإذا قيل له: لم سُمِّي العصفور عصفورًا؟ قال: لأنه عصى وفر[16].
هذا، وحين نستعرض الشواهد الصحيحة المروية عن العرب في النحت لا نكاد نلحظ نظامًا محددًا نشعر معه بما يجب الاحتفاظ به من حروف وما يمكن الاستغناء عنه، وليس يشترك بين كلِّ تلك الأمثلة سوى أنها في الكثرة الغالبة منها تتَّخذ صورة الفعل أو المصدر، وأن الكلمة المنحوتة - في غالب الأحيان - رباعية الأصل، ومن أشهر الأمثلة الرباعية الأصول ما يلي:
1- كلمة منحوتة من كلمتين مثل: (جعفل)؛ أي: (جعلت فداك) وكذلك (جعفد) منحوتة من نفس الكلمتين في بعض الروايات.
2- كلمة منحوتة من ثلاث كلمات مثل: (حيعل)؛ أي: قال: (حي على الفلاح).
3- كلمة منحوتة من أربع كلمات مثل: (بسمل)؛ أي: قال: (بسم الله الرحمن الرحيم)، أو ربما كانت هذه الكلمة منحوتة من كلمتين فقط هما (بسم الله).
4- أكبر عدد من الكلمات التي نحت منها كلمة واحدة هو ذلك القول المشهور (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فقيل من هذه العبارة: (حوقل)، أو (حولق)[17].
هـ - مذهب ابن فارس في النحت:
لقد استهوت ابن فارس فكرة النحت وطبَّقها على أمثلة كثيرة في كتابه "مقاييس اللغة"، فخرج علينا بنظرية مفادها: أن أكثر الكلمات الزائدة على ثلاثة أحرف، منحوت من لفظين ثلاثيين.
يقول ابن فارس في كتابه "مقاييس اللغة": "اعلم أن للرباعي والخماسي مذهبًا في القياس يستنبطه النظر الدقيق؛ وذلك أن أكثر ما نراه من كلماته منحوت، ومعنى النحت: أن تُؤخَذ كلمتان وتُنحَت منهما كلمة تكون آخِذة منهما جميعًا بحظ، والأصل في ذلك ما ذكر الخليل من قولهم: (حيعل) الرجل إذا قال: (حي على)"[18].
كما يقول ابن فارس في كتابه "الصاحبي": "العرب تنحت من كلمتين كلمة واحدة، وهو جنس من الاختصار، وهذا مذهبنا في الأشياء الزائدة على ثلاثة أحرف، فأكثرها منحوت؛ مثل قول العرب للرجل الشديد: (ضبطر)، من (ضبط وضبر)[19].
ممَّا سبق نستنتج - كما استنتج أحد الباحثين من قبل[20] - بأن ابن فارس مسبوق في نظريته؛ حيث يتحتَّم من نصِّه في "المقاييس" بأن الخليل بن أحمد قد سبقه في مذهبه المذكور وأنه يسير على طريقته في ذلك.
و - موقف المحدَثِين من النحت:
يقول الدكتور صبحي الصالح: "ولقد كان للنحت أنصار من أئمَّة اللغة في جميع العصور... وكلَّما امتدَّ الزمان بالناس ازداد شعورهم بالحاجة إلى التوسُّع في اللغة عن طريق هذا الاشتقاق الكبَّار، وانطلقوا يؤيِّدون شرعية ذلك التوسُّع اللغوي بما يحفظونه من الكلمات الفصيحات المنحوتات.
ولكن النحت ظلَّ - مع ذلك - قصة محكية، أو رواية مأثورة تتناقلها كتب اللغة بأمثلتها الشاسعة المحدودة، ولا يفكر العلماء تفكيرًا جديًّا في تجديد أصولها وضبط قواعدها، حتى كانت النهضة الأدبية واللغوية تميل إلى جواز النحت والنقل اللفظي الكامل للمصطلحات، وطائفة يمثِّلها الكرملي حيث يرى: "إن لغتنا ليست من اللغات التي تقبل النحت على وجه لغات أهل الغرب كما هو مدوَّن في مصنفاتها... والمنحوتات عندنا عشرات، أمَّا عندهم فمئات، بل فألوف؛ لأن تقديم المضاف إليه على المضاف معروفة عندهم، فساغ لهم النحت، أما عندنا فاللغة تأبَاه وتتبرَّأ منه"[21].
وقد وقف الدكتور صبحي الصالح من الطائفتين موقفًا وسطًا حيث يقول: "وكلتا الطائفتين مغالية فيما ذهبت إليه، فإن لكلِّ لغة طبيعتها وأساليبها في الاشتقاق والتوسُّع في التعبير، وما من ريب في أن القول بالنحت إطلاقًا يُفسِد أمر هذه اللغة، ولا ينسجم مع النسيج العربي للمفردات والتركيبات، وربما أبعد الكلمات المنحوتة عن أصلها العربي، وما أصوب الاستنتاج الذي ذهب إليه الدكتور مصطفى جواد حول ترجمة (الطب النفسي الجسمي Psychosomatic)، فإنه حكم بفساد النحت فيه "خشية التفريط في الاسم بإضاعة شيء من الاسم عن أصله؛ فيختلط بغيره وتذهب الفائدة المرتجاة منه"[22].
ز- صلة النحت بالاشتقاق:
لقد انقسم الباحثون من علماء اللغة إزاء نسبة النحت إلى الاشتقاق إلى أربعة فرقاء:
الفريق الأول: ويرى "أن مراعاة معنى الاشتقاق تنصُر جعْل النحت نوعًا منه؛ ففي كلٍّ منهما توليد شيء، وفي كلٍّ منهما فرع وأصل، ولا يتمثَّل الفرق بينهما إلا في اشتقاق كلمة من كلمتين أو أكثر على طريقة النحت واشتقاق كلمة من كلمة في قياس التصريف"[23].
الفريق الثاني: ويذهب إلى أن النحت غريب عن نظام اللغة العربية الاشتقاقي؛ لذلك لا يصحُّ أن يُعَدَّ قسمًا من الاشتقاق فيها، وحجَّته أن لغويينا المتقدِّمين لم يعتبروه من ضروب الاشتقاق، وأنه يكون في نزع كلمة من كلمتين أو أكثر، بينما يكون الاشتقاق في نزع كلمة من كلمة، زد على ذلك أن غاية الاشتقاق استحضار معنى جديد، أمَّا غاية النحت فالاختصار ليس إلاَّ[24].
الفريق الثالث: ويمثِّله الشيخ عبدالقادر المغربي، وقد توسَّط بين الفريقين السابقين فاعتبر النحت من قبيل الاشتقاق وليس اشتقاقًا بالفعل؛ لأن الاشتقاق أن تنزع من كلمة، والنحت أن تنزع من كلمتين أو أكثر، وتسمى الكلمة المنزوعة منحوتة[25].
الفريق الرابع: وقد انفرد به العلامة محمود شكري الألوسي، وقد أدرج النحت في باب الاشتقاق الأكبر! فيقول: "و(النحت) بأنواعه، من قسم (الاشتقاق الأكبر)"[26].
وعنده أن الاشتقاق الأكبر هو: "أن يُؤخَذ لفظ من لفظ، من غير أن تعتبر جميع الحروف الأصول للمأخوذ منه، ولا الترتيب فيها، بل يُكتَفى بمناسبة الحروف في المخرج، ومثَّلوه بمثل: نعق، من النهق، والحوقلة من جملة: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ للدلالة على التلفظ بها"[27].
أقول: وما ذكره العلامة الألوسي سلفًا أعتبره خلطًا غير مرضٍ؛ إذ النحت يتميَّز عن الاشتقاق الأكبر بتوليد جديد له بعض خواص الاشتقاق.
هذا، وإنني أعتبر النحت من قبيل الاشتقاق وليس اشتقاقًا بالفعل - كما قال الشيخ المغربي - حيث إن عنصر التوليد فيه ظاهر، والذي عليه مدار الاشتقاق وبينهما اختلاف غير يسير.
ح - النحت بين السماع والقياس:
يقرِّر الدكتور إبراهيم نجا - رحمه الله - أن: "النحت سماعي، ليس له قاعدة يسير وفقها القائلون، إلاَّ في النسبة للمركب الإضافي، فلقد قال العلماء: إنه مبنيٌّ على تركيب كلمة من اللفظين على وزن (فعلل) بأخذ الفاء والعين من كل لفظ، ثم ينسب للفظ الجديد كـ(عبشمي) في عبد شمس، و(عبدري) في عبدالدار، و(تيملي) في تيم اللات، وفي غير ذلك مبني على السماع والأخذ عن العرب"[28].
غير أن بعض الباحثين المتأخِّرين فهموا نص ابن فارس: "... وهذا مذهبنا في أن الأشياء الزائدة على ثلاثة أحرف فأكثرها منحوت"[29]، فهموه فهمًا مختلفًا؛ فقد استنتج بعضهم من هذا النص أن ابن فارس يرى أن النحت قياسي.
يقول الدكتور إبراهيم أنيس: "ومع وفرة ما رُوِي من أمثلة النحت تحرَّج معظم اللغويين في شأنه واعتبروه من السماع، فلم يبيحوا لنا نحن المولَّدين أن ننهج نهجه أو أن ننسج على منواله، ومع هذا فقد اعتبره ابن فارس قياسيًّا، وعدَّه ابن مالك في كتابه "التسهيل" قياسيًّا كذلك"[30].
حيث يقول ابن مالك في "التسهيل": "قد يُبنَى من أي المركب فعلل بفاء كل منهما وعينه، فإن اعتلَّت عين الثاني كمل البناء بلامه أو بلام الأول ونسب إليه".
وقال أبو حيان في "شرحه": وهذا الحكم لا يطَّرد؛ وإنما يُقال منه ما قالته العرب، والمحفوظ (عبشمي) في عبد شمس، و(عبدري) في عبد الدار، و(مرقسي) في امرئ القيس، و(عبقسي) في عبد القيس، و(تيملي) في تيم الله"، انتهى[31].
وقد علقت لجنة النحت بمجمع اللغة العربية في القاهرة على هذا الاختلاف بالقول: "... وقد نقلنا فيما تقدَّم عبارة ابن فارس في "فقه اللغة"، وهي لا تفيد القياسية إلا إذا نظر إلى أن ابن فارس ادَّعى أكثريَّة النحت فيما زاد عن ثلاثة، ومع الكثرة تصحُّ القياسية والاتِّساع"[32].
وهكذا ظلَّ النحت بين قياس وسماع بين اللغويين، ووقف مجمع اللغة العربية من ظاهرة النحت موقف المتردِّد في قبول قياسيَّته حتى "تجدَّد البحث أخيرًا حول إباحته أو منعه؛ فرأى رجال الطب والصيدلة والعلوم الكيماوية والحيوانية والنباتية في إباحته وسيلة من خير الوسائل التي تساعدهم عند ترجمة المصطلحات الأجنبية إلى اللغة العربية"[33].
ومن هنا انتهى مجمع اللغة العربية بالقاهرة إلى قرار سنة 1948م يفيد: "جواز النحت في العلوم والفنون للحاجة الملحَّة إلى التعبير عن معانيها بألفاظ عربية موجزة"[34]، ولكن بشرط انسجام الحروف عند تأليفها في الكلمة المنحوتة، وتنزيل هذه الكلمة على أحكام العربية، وصياغتها على وزن من أوزانها.
وبتحقيق هذه الشروط يكون النحت - كجميع أنواع الاشتقاق - وسيلة رائعة لتنمية هذه اللغة وتجديد أساليبها في التعبير والبيان من غير تحيُّف لطبيعتها، أو عدوان على نسيجها المحكم المتين[35].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] حول هذا الموضوع راجع: "المزهر"؛ للسيوطي: 1/482 - 485، وكتاب "النحت وبيان حقيقته ونبذة من قواعده"؛ للعلامة السيد محمود شكري الألوسي؛ تحقيق وشرح محمد بهجة الأثري، ط مطبعة المجمع العلمي العراقي سنة 1409هـ، و"الاشتقاق"؛ للأستاذ عبدالله أمين: ص389 وما بعدها، و"من أسرار اللغة"؛ للدكتور إبراهيم أنيس: ص71 وما بعدها، وكتاب "النحت في اللغة العربية"؛ للدكتور نهاد الموسى، ط1، دار العلوم للطباعة والنشر سنة 1405هـ.
و"دراسات في فقه اللغة"؛ للدكتور صبحي الصالح: ص243 وما بعدها، و"فقه اللغة العربية"؛ للدكتور إبراهيم محمد نجا: ص55 وما بعدها، و"الاشتقاق وأثره في النمو اللغوي"؛ للدكتور عبدالحميد محمد أبو سكين: ص122 وما بعدها، ط مطبعة الأمانة سنة 1404هـ، و"الاشتقاق والتعريب"؛ للشيخ عبدالقادر بن مصطفى المغربي: ص13 وما بعدها، و"فقه اللغة العربية وخصائصها"؛ للدكتور إميل بديع يعقوب: ص208 وما بعدها، و"الاشتقاق عند اللغويين"؛ للدكتور فتحي أنور الدابولي: ص369 وما بعدها، (مقال منشور بمجلة كلية اللغة العربية بالزقازيق: العدد الخامس سنة 1406هـ).
و"النحت في العربية"؛ للدكتور رمسيس جرجيس، (بحث منشور بمجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة: العدد 13، مايو 1961م، ص61 -76)، و"النحت في العربية"؛ عبدالكريم مجاهد (مقال منشور بمجلة الفيصل، العدد 56، صفر 1402هـ، ص63 - 66)، و"النحت قديمًا وحديثًا"؛ للأستاذ كيفورك مينا جيان، (بحث منشور بمجلة اللسان العربي: العدد التاسع. الجزء الأول، ص162 وما بعدها)، و"النحت بين مؤيديه ومعارضيه"؛ للدكتور فارس فندي البطانية (بحث منشور بمجلة اللسان العربي: العدد 34، 121 وما بعدها).
و"الاشتقاق"؛ للدكتور فؤاد ترزي: ص351 وما بعدها، و"تجديد العربية بحيث تصبح وافية بمطالب العلوم والفنون"؛ للأستاذ إسماعيل مظهر: ص14 وما بعدها، ط شركة فن الطباعة بالقاهرة، الناشر مكتبة النهضة المصرية، د. ت.
و"فقه اللغة"؛ د. علي عبدالواحد وافي: ص186 وما بعدها، و"الصاحبي"؛ لابن فارس: ص227 وما بعدها، ط المكتبة السلفية بالقاهرة سنة 1328هـ.
[2] بكالوريوس في اللغة العربية، جامعة الأزهر 1984م.
- ماجستير عام 1993م من الجامعة نفسها.
- عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالهند.
- عضو اتحاد كتَّاب مصر، وخبير دولي بمنظمة الإيسيسكو.
- له العديد من المؤلفات، كما فاز بالعديد من الجوائز.
- عمل أستاذًا مشاركًا في الكلية التي تخرَّج فيها.
[3] يعد عبدالله أمين هو أوَّل مَن أطلق هذه التسمية على النحت؛ فيقول: "وقد أسميته الكبَّار بالثقيل؛ لأن الكبَّار أكبر من الكبَار بالتخفيف، والنحت أكبر أقسام الاشتقاق السابقة" ("الاشتقاق": ص391)، وقد تابعه بعض المحدَثِين في هذه التسمية، ومنهم الدكتور صبحي الصالح ("دراسات في فقه اللغة": ص243)، هذا في الوقت الذي نلاحظ فيه أن جمهور العلماء يطلقون عليه النحت، انظر على سبيل المثال: "الصاحبي": ص227، و"المزهر": 1/482، و"الاشتقاق والتعريب": ص13، و"فقه اللغة"؛ د. وافي: ص186)، ولكني أرى أنه إذا دُرِس النحت منفصلاً يبقى على تسميته، أمَّا إذا درس كلَوْنٍ من ألوان الاشتقاق يسمى - كما سمَّاه الأستاذ عبدالله أمين - بـ(الكبار)؛ تمشِّيًا مع سنة الترقِّي في مباحث الاشتقاق.
[4] انظر مثلاً: "لسان العرب" و"تاج العروس" مادة (ن ح ت).
[5] "الاشتقاق والتعريب"؛ للأستاذ عبدالقادر المغربي: ص13 بتصرف.
[6] انظر: "العين"؛ للخليل بن أحمد؛ تحقيق الدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم السامرائي: 1/60، ط دار الرشيد ببغداد، سنة 1980م.
[7] المصدر السابق: 1/60، وانظر: "النحت بين مؤيديه ومعارضيه"؛ للدكتور فارس فندي البطانية، ص122، (بحث منشور بمجلة "اللسان العربي": العدد 34 سنة 1990م، وهي دورية متخصِّصة سنوية تصدر عن مكتب تنسيق التعريب بالمملكة المغربية).
[8] "النحت في اللغة العربية"؛ د. نهاد الموسى: ص67.
[9] "فقه اللغة العربية"؛ د. إبراهيم محمد نجا: ص56، وقارن بـ"فقه اللغة"؛ د. علي عبدالواحد وافي: ص186 وما بعدها، و"الاشتقاق"؛ د. فؤاد ترزي، ص358 - 359.
[10] انظر: "الاشتقاق"؛ للأستاذ عبدالله أمين: ص392، و"فقه اللغة"؛ للدكتور إبراهيم أبو سكين: ص22، و"الاشتقاق عند اللغويين"؛ د. فتحي أنور الدابولي: ص370.
[11] "الصاحبي"؛ لابن فارس: ص227.
[12] راجع: "الاشتقاق والتعريب"؛ للأستاذ المغربي: ص13 وما بعدها، و"النحت بين مؤيديه ومعارضيه"؛ للدكتور فارس فندي البطانية: ص122، 123، و"الاشتقاق"؛ للدكتور فؤاد ترزي: ص357، 358. و"دراسات في فقه اللغة"؛ للدكتور صبحي الصالح: ص249، و"فقه اللغة"؛ للدكتور إبراهيم أبو سكين: ص22، 23، و"الاشتقاق عند اللغويين"؛ للدكتور فتحي الدابولي: ص371، 372، و"فقه اللغة العربية وخصائصها"؛ للدكتور إميل بديع يعقوب: ص210، 211.
[13] انظر: "النحت: بين مؤيديه ومعارضيه"؛ للدكتور فارس البطانية: ص122، نقلاً عن: "شرح المفصل"؛ لابن يعيش.
[14] "فقه اللغة"؛ د. إبراهيم أبو سكين: ص23، بتصرف يسير.
[15] "البخلاء"؛ للجاحظ؛ تحقيق طه الحاجري: ص106، ط دار المعارف بمصر، سنة 1958م.
[16] المصدر السابق: ص106.
[17] "من أسرار اللغة"؛ للدكتور إبراهيم أنيس: ص72.
[18] "مقاييس اللغة"؛ لابن فارس؛ تحقيق عبدالسلام هارون: 1/328، 329، ط دار إحياء الكتب العربية سنة 1366هـ.
[19] "الصاحبي"؛ لابن فارس، 271.
[20] وهو أستاذنا الدكتور إبراهيم أبو سكين في كتابه: "فقه اللغة": ص24.
[21] "دراسات في فقه اللغة": ص264 - 266، بتصرف يسير.
[22] المرجع السابق: ص266، وانظر هامشها وما بعدها من صفحات تجد تفصيلاً.
[23] "دراسات في فقه اللغة"؛ د. صبحي الصالح: ص243 - 244.
[24] "الاشتقاق"؛ للدكتور فؤاد ترزي: ص363، وراجع: "فقه اللغة وخصائص العربية"؛ لمحمد المبارك: ص148، 149، و"فقه اللغة العربية وخصائصها"؛ للدكتور إميل يعقوب: ص 209 وهامشه.
[25] "الاشتقاق والتعريب"؛ للشيخ المغربي: ص 13.
[26] "الاشتقاق والتعريب"؛ للشيخ المغربي: ص 13.
[27] كتاب "النحت وبيان حقيقته ونبذة من قواعده"؛ للعلامة السيد محمود شكري الألوسي؛ تحقيق وشرح محمد بهجة الأثري: ص39، ط المجمع العلمي العراقي، سنة 1409هـ.
[28] "فقه اللغة العربية"؛ للدكتورإبراهيم محمد نجا: ص56، وقارن بـ"فقه اللغة"؛ للدكتور إبراهيم أبو سكين: 25.
[29] "الصاحبي"؛ لابن فارس: ص271.
[30] "من أسرار اللغة"؛ د. إبراهيم أنيس، ص72.
[31] انظر: "المزهر"؛ للسيوطي، 1/485.
[32] انظر: "مجلة المجتمع": 7/202، 203، وراجع: "النحت في اللغة العربية"؛ للدكتور نهاد الموسى: ص284 وما بعدها؛ تجد مزيدًا من التفصيل.
[33] "اللغة والنحو"؛ عباس حسن: ص245، ط دار المعارف بمصر سنة 1966م، وراجع: "من أسرار اللغة"؛ د. إبراهيم أنيس: ص74، 75.
[34] "مجلة المجتمع": 7/203. وانظر: ص158 من نفس العدد من المجلة تجد مزيدًا من التفصيل.
[35] "دراسات في فقه اللغة"؛ للدكتور صبحي الصالح: ص274، بتصرف يسير.