التقاء الساكنين يتخذ المظاهر التالية: الحذف ـ الكسر ـ الضم ـ جواز الكسر والضم ـ الفتح ـ القلب ـ جوازالتقاء الساكنين دون وقوع حذف أو تحريك أو قلب.
أولا: الحذف:
1) إذا التقى ساكنان في كلمة واحدة، وكان السابق حرفَ مدّ وجب حذفه، مثل: قُلْ، بِعْ، خَفْ، فأصل (قُلْ ) هو: اُقْوُلْ، يُعَلُّ الواو بتسكينه ونقل حركته الضمة إلى الحرف الصحيح الساكن قبله، فتصير الكلمة : اُقُولْ، تحذف همزة الوصل إذْ لم تعد داخلة على ساكن، فتصير الكلمة: قُولْ، التقى ساكنان هما الواو واللام، والأول الواو حرف مدّ فوجب حذفه. وأصل ( بِعْ ) هو: اِبْيِعْ، تُعَلُّ الياء بتسكينها ونقل حركتها الكسرة إلى الحرف الصحيح الساكن قبلها، فتصير الكلمة: اِبِيْعْ، تحذف همزة الوصل لأنها لم تعد داخلة على ساكن، فتصير الكلمة: بِيعْ، التقى ساكنان هما الياء والعين، والأول الياء حرف مدّ فوجب حذفه.وأصل ( خَفْ ) هو: اِخْوَفْ، يُعَلُّ الواو بنقل حركته الفتحة إلى الحرف الساكن قبله، فتصير الكلمة: اِخَوْفْ، تحذف همزة الوصل لأنها لم تعد داخلة على ساكن، فتصير الكلمة: خَوْفْ، يُقْلَبُ الواو ألفاً نظراً لتحرك الواو بحسب الأصل وانفتاح ما قبله بحسب الحال، فتصير الكلمة: خَافْ، التقى ساكنان هما الألف والفاء، والأول الألف حرف مدّ فوجب حذفه.
2) إذا اجتمع حرفا علة ساكنان في فعل واحد، وكان أحدهما ياء المخاطبة أو واو الجماعة، يحذف الأول. مثال الالتقاء مع ياء المخاطبة في فعل معتل الآخر بالواو: تَدْنِينَ، والأصل: تَدْنُوِينَ، يُعَلُّ لام الفعل بالتسكين: تَدْنُويْنَ، اجتمع ساكنان هما:الواو والياء، يحذف االأول: تَدْنُينَ، يُكْسَرُ ما قبل الياء ليناسبها: تَدْنِينَ، ولا يُحْذَفُ الثاني لأنه فاعل. والشيء نفسه يقال إذا كان الفعل معتل الآخر بالياء: تَمْشِينَ، والأصل: تَمْشِيِينَ، يُعَلُّ لام الفعل بالتسكين:تَمْشِيْينَ اجتمع ساكنان هما: الياء التي هي لام الفعل وياء المخاطبة فيُحْذَفُ الأول: تَمْشِينَ ولا يحذف الثاني لأنه فاعل.
ومثال الالتقاء مع واو الجماعة في فعل معتل الآخر بالواو: تَدْنُونَ، والأصل: تَدْنُوُونَ، يُعَلَُّ لام الفعل بالتسكين: تَدْنُوْونَ، اجتمع ساكنان هما: الواو (لام الفعل ) والواو الذي هو واو الجماعة، يحذف الأول : تَدْنُونَ، ولا يحذف الثاني لأنه فاعل. والشيء نفسه يقال إذا كان الفعل معتل الآخر بالياء: تَمْشُونَ، والأصل: تَمْشِيُونَ، يُعَلُّ لام الفعل بالتسكين: تَمْشِيْونَ، اجتمع ساكنان هما: الياء لام الفعل وواو الجماعة، يحذف الأول: تَمْشِونَ، تُقْلَبُ كسرة ما قبل الواو ضمة لتناسب الواو.
3) إذا التقى ساكنان، وكان السابق نون التوكيد الخفيفة، حُذِفَت النون، مثل: لا تنهرَ اليتيم، والأصل: لا تنهرَنْ الْيتيمَ، فقد التقى الساكن الأول نون التوكيد الخفيفة بالساكن الثاني اللام من ( الْ ) القمرية، فحذفت نون التوكيد.( أمّا: لا تنهرِ اليتيمَ، فالفعل لم يقترن بنون التوكيد الخفيفة).
4) إذا وقعت لفظة ( بَنْ ) بدلاً مطابقاً من عَلَمٍ منوَّن ومضافة إلى عَلَمٍ، حُذِفَ التنوين ـ وهو نون ساكنة ـ من الاسم الذي قبلها للتخلص من التقاء الساكنين، مثل: جاء محمدُ بْن أحمد، والأصل: جاء محمدٌ بْن أحمد.
5) إذا وقعت الياء عيناً في اسم المفعول؛ كفعله، يجتمع ساكنان هما: الياء وواو المفعول، فيحذف الثاني، مثل: مَبِيع، والأصل: مَبْيُوع، تُعَلُّ الياء بالتسكين وتُنْقَل حركتها الضمة إلى الحرف الصحيح قبلها: مَبُيْوع، يجتمع ساكنان هما الياء عين اسم المفعول وواو اسم المفعول فيحذف الثاني الواو ( وهو حرف زائد ): مَبُيْع، تُقْلَب ضمة الباء كسرة لتَسْلَمَ الياء: مَبِيع.
6) إذا اجتمع في كلمة واحدة حرفا علة متجانسان ساكنان ما لم يكن أحدهما ياء المخاطبة أو واو الجماعة، حُذِفَ الأول أو الثاني، مثل: إقامة، والأصل: إقْوَام، يُعَلُّ الواو بالتسكين ثم تُنْقَل حركته الفتحة إلى الحرف الصحيح الساكن قبله: إقَوْام، تُعَلُّ الواو بقلبها ألفاً نظراً لتحرك الواو بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها بحسب الحال، فتصير الكلمة: إقَاام، اجتمع ساكنان هما الألف المنقلبة عن الواو والألف الزائدة فيحذف أحد الألفين، وحذف الزائد أولى، وتُعَوِّضُه تاء مربوطة في الآخِر: إقَامَة. ومثل: مَقُول، ( اسم المفعول مِن: قال )، والأصل: مَقْوُول، يُعَلُّ الواو بسكينه ونقل حركته الضمة إلى الحرف الصحيح الساكن قبله: مَقُوْول، يجتمع ساكنان هما واو عين الفعل وواو اسم المفعول الزائدة، يحذف أحد الواوين، وحذف الزائد أولى: مَقُول.
ملحوظة هامة: إذا عَرَضَ تحريك الساكن كـ: خَفِ الله، فقد عَرَضَ تحريك الفاء من (خَفِ) فلا تعتبر هذه الحركة، لأنها مُعَرَّضَة للزوال ولذلك لا يُرَدُّ الحرف المحذوف الناتج من خلال التقاء الساكنين،فأصل ( خَفِ الله ): خَافْ الله، حُذِفَ الألف من (خَافْ ) لاجتماع ساكنين هما الألف والفاء: خَفْ، ثم تحركت الفاء بالكسر لاجتماعها بساكن بعدها هو (ال ) القمرية من اسم الجلالة ( الله )، ورغم أن الفاء لم تعد ساكنة فإن الألف المحذوفة لا تُرَدُّ، لأن تحرُّك الفاء تحرُّك طارئ وليس تحركاً أصيلاً.
ثانياً:الكسر:
1) إذا التقى حرف صحيح ساكن،غير ميم الجمع وذال( مُذْ ) ونون ( مِنْ ) وتاء التأنيث الساكنة المتبوعة بألف التثنية ـ مع ساكن بعده، كُسِرَ الحرف السابق، مثل: نجحَتِ الْبنت، قُلِ الْحق، الاِخْتبار.
2) إذا التقت نون حرف الجر ( مِنْ ) مع ساكن غير اللام والمسبوق بهمزة الوصل، كُسِرَت نون ( مِنْ )، مثال: مِنِ اسْتقامة الإنسان تَعْرِفُ نوع تربيته.
3) إذا التقت الياء الساكنة المسبوقة بحركة لاتناسبها، مع ساكن بعدها، كُسِرَت الياء ، مثال الالتقاء مع الساكن المسبوق بهمزة الوصل: لا تخشَيِ الْامتحان أيتها الفتاة، والأصل: لا تخشَيْ. ومثال الالتقاء مع نون التوكيد: أنتِ تَرْضَيَنْ أو تَرْضَيَنَّ، والأصل بالترتيب: تَرْضَوِينَنْ، تَرْضَوِينَنَّ، يُحذف لام الفعل نظراً لإسناد الفعل الناقص ( المعتل الآخر ) إلى ياء المخاطبة: تَرْضَيْنَنْ، تَرْضَيْنَنَّ، تُحذف نون الإعراب نظراً لتوالي الأمثال: تَرْضَيْنْ، تَرْضَيْنَّ، تُحَرَّكُ الياء بحركة تناسبها بسبب التقاء الساكنين وهما الياء والنون الخفيفة أو الياء وأول النونين المدغمتين من النون الشديدة : تَرْضَيِنْ، تَرْضَيِنَّ.
ثالثاً: الضم:
1) إذا التقت ميم الجمع في ضمير غير مكسور، أو ذال ( مُذْ ) مع الساكن المسبوق بهمزة الوصل، ضُمَّت الميم وضُمَّ الذال، مثل: أنتمُ النُّجباء، سأزورك مذُ الْيوم. والأصل على الترتيب: أنتمْ النْنُجباء، مُذْ الْيوم.
2) إذا التقى الواو الساكن المسبوق بحركة لا تناسبه، مع ساكن بعده، ضُمَّ الواو، مثال الالتقاء مع الساكن المسبوق بهمزة الوصل: لاتنسَوُا الْمعروف، والأصل: لاتنسَوْا الْمعروف. ومثال الالتقاء مع نون التوكيد: أنتم تَرْضَوُنْ أو تَرْضَوُنَّ، والأصل على الترتيب: تَرْضَوُونَنْ، تَرْضَوُونَنَّ، يُحْذَفُ لام الفعل نظراً لإسناد الفعل الناقص ( الفعل المعتل الآخر ) إلى واو الجماعة: تَرْضَوْنَنْ، تَرْضَوْنَنَّ، تُحذف نون الإعراب بسبب توالي الأمثال: تَرْضَوْنْ، تَرْضَوْنَّ، يُحَرَّك الواو بحركة تناسبه لأجل التقاء الساكنين: تَرْضَوُنْ، تَرْضَوُنَّ.
رابعاً: جواز الكسر والضم:
إذا التقت ميم الجمع في ضمير مكسور مع الساكن المسبوق بهمزة الوصل، جاز في الميم الكسر والضم، مثال: يَهْدِيهِمِ اللَّه أو يَهْدِيهِمُ اللَّه والأصل في الحالتين معاً: يَهْدِيهِمْ الْلَه.
خامساً: الفتح:
1) إذا التقت نون الحرف ( مِنْ ) مع همزة الوصل المقرونة باللام الزائدة ( ال )، فُتِحَتْ نون ( مِنْ )، مثال: مِنَ المْفيد أن تجتهد. والأصل: مِنْ المْفيد..
2) إذا التقت تاء التأنيث الساكنة مع ألف التثنية فُتِحَت، مثال: ذَهَبَتَا، والأصل: ذَهَبَتْا.
سادساً: القلب:
1) إذا وقعت الألف بعد ياء التصغير تُقْلَب الألف ياءً، مثال: كُتَيِّب، تصغير ( كِتاب )، وأصل التصغير: كُتَيْاب، اجتمع ساكنان هما ياء التصغير والألف، فوَجَبَ قلب الألف ياءً مكسورة كما هو وارد عن العرب: كُتَيْيِب، تُدْغَمُ الياءان في بعضهما: كُتَيِّب.
2) إذا اجتمع الواو والياء الساكنان في جمع المذكر السالم المرفوع، المضاف إلى ياء المتكلم، تُقْلَب الواو ياء، مثال: جاء صاحِبَيَّ، والأصل: جاء صاحِبُونَ لي، تُحْذَف نون الجمع ويُحْذَف معها لام الملكية وذلك من أجل الإضافة، فتصير الكلمة: صَاحِبُوْيْ، اجتمع ساكنان هما: الواو والياء، تُقْلَبُ الواو ياء للتخلص من التقاء الساكنين وتُفْتَحُ ياء المتكلم، فتصير الكلمة هكذا: صاحِبُيْيَ، تُدْغَمُ الياءان في بعضهما ويُكْسَرُ ماقبلهما، فنحصُل على: صاحِبَيَّ.
سابعاً: جوازالتقاء الساكنين دون وقوع حذف أو تحريك أو قلب:
1) بَيْنَ كلمتين إذا كان أول الكلمتين نون التنوين غير المتبوعة بكلمة ( بَنْ )، وذلك مخافة أن يؤدي حذف التنوين إلى الإيهام بالإضافة، مثال: دعا الرسول محمدٌ النَّاس إلى الإسلام، فلو حُذِفَ تنوين الاسم ( محمدٌ ) لأوهم ذلك أنه مضاف، والإضافة في مثل هذا المثال غير واردة، ويُعْرَفُ ذلك من مقاصد الكلام وحاجة العوامل الإعرابية إلى معمولاتها في الجملة. ومن أمثلة ذلك أيضاً: زارنا سعيدٌ الْمغربي. أمّا إذا قلنا مثلا: يا طالعاً الْجبل، انتبه ( بالتقاء الساكنين: نون التنوين في [ طالعاً ] والساكن الذي بعد همزة الوصل في [ الْجبل ]، فإنه يجوز القول: ياطالعَ الجبلِ، انتبه، وذلك بحسب ما يريده المتكلم، والداعي إلى حذف التنوين هنا ـ كما هو واضح ـ هو الإضافة وليس التخلص من التقاء الساكنين.
2) بَيْنَ كلمتين إذا كان أول الساكنين علامة رفع جمع المذكر السالم ( الواو ) أو علامة نصبه وجره ( الياء )، ذلك أن حذف الساكن الأول هنا يؤدي إلى للَّبس في المعنى ( مع ملاحظة أن علامة إعراب الجمع المذكر السالم لا يلحقها التحريك )، مثال: اجتمع مَنْدُوبُوْ الْمغرب مع مَنْدُبِيْ الْيمن، فقد اجتمع الساكنان في آخر (مَنْدُوبُوْ ) و أول (الْمغرب )، وكذا في آخر (مَنْدُوبُوْ ) وأول (الْيمن ).فلو حُذف الواو من آخر ( مَنْدُوبُوْ ) أو الياء من آخر (مَنْدُوبِي ) لأدى ذلك إلى فساد في المعنى.
3) عند توكيد المضارع المسنَد إلى نون النسوة بنون التوكيد الشديدة، فإنه يُؤْتَى بألف زائدة تفصل بين نون النسوة ونون التوكيد، وينتج عن ذلك التقاء الساكن الألف مع أول النونين المكونتين لنون التوكيد الشديدة: أنتن تذهبنانِّ.
4) أن يكون في كلمة واحدة أولُ الساكنين حرفَ لِين، وثانيهما مدغماً في مثله، مثل: مادَّة، تُمُودَّ الثوب( بمعنى مُدِّدَ) ، خُوَيْصَّة ( تصغير خاصِّيَّة ).
5) بين كلمتين إذا كان السابق ألفاً، أو واواً ساكناً (مقدرة عليه الضمة أو الكسرة) أو ياءً ساكنة (مقدرة عليها الضمة أو الكسرة)، وفي مثل هذه الحالة يُكتفى بالحذف التلفظي، مثال: دعا الْخطيب...سعى التِّلميذ...الراعي الْأمين...يدعو الْمؤمن...
6) إذا التقى الألف والتنوين في كلمة واحدة، حُذِفَ الألف لفظاً وبقي خطّاً، مثل: رِضىً، فتىً، عصاً.
7) ويجوز التقاء الساكنين في الكلمة الواحدة التي ما قبل آخرها ساكن بسبب الوقف، مثال: خُبْز، عَيْن، لوْز، ماء.