تتعين "إن" المكسورة حيث لا يجوز أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها، و"أن" المفتوحة حيث يجب ذلك، ويجوزان إن صح الاعتباران.
الأول (كسر الهمزة) في عشرة، وهي:
1 - أن تقع في الابتداء نحو {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، ومنه {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
2 - أو تالية لحيث، نحو: "جلست حيث إن زيدا جالس".
3 - أو لإذ، كـ "جئتك إذْ إنَّ زيدا أمير"
4- أو لموصول، نحو: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوء}، بخلاف الواقعة في حشو الصلة، نحو: "جاء الذي عندي أنه فاضل"، وقولهم: "لا أفعله ما أن حراء مكانه" إذا التقدير ما ثبت ذلك، فليست في التقدير تالية للموصول.
5 - أو جوابا لقسم نحو: {حَم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاه}
6- أو محكية بالقول نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّه}.
7 - أو حالا نحو: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُون}.
8 - أو صفة نحو: "مررت برجل إنه فاضل".
9 - أو بعد عامل علق باللام نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}.
10 - أو خبرا عن اسم ذات نحو: "زيد إنه فاضل".
والثاني (فتح الهمزة) في تسعة، وهي:
1- أن تقع فاعلة، نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا}.
2- أو مفعولة غير محكية، نحو: {وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم}.
- أو نائبة عن الفاعل، نحو: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ}.
4- أو مبتدأ (مؤخر) ، نحو: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ}، {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}.
5- أو خبرا عن اسم معنى غير قولٍ ولا صادقٍ عليه خبرها، نحو: "اعتقادي أنه فاضل"، بخلاف: "قولي إنه فاضل"، و"اعتقاد زيد إنه حق".
6- أو مجرورة بالحرف، نحو: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَق}.
- أو مجرورة بالإضافة نحو: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}.
8- أو معطوفة على شيء من ذلك، نحو: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُم وَأَنِّي فَضَّلْتُكُم}.
9- أو مبدلة من شيء من ذلك، نحو: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُم}.
والثالث (جواز فتح همزة إن وكسرها ) في تسعة مواضع:
1- أن تقع بعد فاء الجزاء، نحو: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ؛ فالكسر على معنى فهو غفور رحيم، والفتح على معنى فالغفران والرحمة: أي حاصلان، أو فالحاصل الغفران والرحمة. كما قال الله تعالى: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ}، أي فهو يؤوس.
2- أن تقع بعد "إذا" الفجائية، كقوله ( من الطويل ) :
134- إذا أنه عبد القفا واللهازم
الكسر على معنى فإذا هو عبد القفا، والفتح على معنى العبودية، أي: حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا العبودية، أي: حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا الأسد.
3 - أن تقع في موضع التعليل، نحو: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}، قرأ نافع والكسائي بالفتح على تقدير لام العلة، والباقون بالكسر على أنه تعليل مستأنف، ومثله {صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، ومثله: "لبيك، إن الحمد والنعمة لك".
4- أن تقع بعد فعل قسم ولا لام بعدها، كقوله ( من الرجز ):
135- أو تحلفي بربك العليِّ أنى أبو ذَيَّالِكَ الصَّبِيِّ
فالكسر على الجواب، والبصريون يوجبونه، والفتح بتقدير على، ولو أضمر الفعل أو ذكرت اللام تعين الكسر إجماعا، نحو: "والله إن زيدا قائم" و"حلفت إن زيدا لقائم".
5- أن تقع خبرا عن قول ومخبرا عنها بقول والقائل واحد، نحو: "قولي إني أحمد الله"، ولو انتفى القول فتحت، نحو: "علمى أني أحمد الله"، لو انتفى القول الثاني أو اختلف القائل كسرت، نحو: "قولي : إني مؤمن" و"قولي : إن زيدا يحمد الله".
6- أن تقع بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه، نحو: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى}، قرأ نافع وأبو بكر بالكسر: إما على الاستئناف، أو بالعطف على جملة إن الأولى، والباقون بالفتح بالعطف على {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ}.
7- أن تقع بعد حتى، ويختص الكسر بالابتدائية، نحو: "مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه"، والفتح بالجارة والعاطفة، نحو: "عرفت أمورك حتى أنك فاضل".
8- أن تقع بعد "أما" نحو: "أما إنك فاضل"، فالكسر على أنها حرف استفتاح بمنزلة ألا، والفتح على أنها بمعنى أحقا.
9- أن تقع بعد "لا جرم" والغالب الفتح، نحو: {لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ}، فالفتح عند سيبويه على أن "جرم" فعل ماضٍ، و"أن" وصلتها فاعل: أي: وجب أن الله يعلم، و"لا" صلة، وعند الفراء على أن "لا جرم" بمنزلة لا رجل، ومعناهما لا بد، ومن بعدهما مقدرة. والكسر على ما حكاه الفراء من أن بعضهم ينزلها منزلة اليمين فيقول: "لا جرم لآتينك".