لعل شاعراً مقلاً تكون حصيلته قصيدة واحدة تسمو به في سماء شعراء لهم جولات وجولات في ميادين الشعر الوسيعة وتنقل اسمه من هامش إلي عناوين الأدب .
قصيدتنا اليتيمة جاءت يتيمة من نواحٍ كثيرة , فهي يتيمة الأب إذ أن شاعرها لم يعرف من أثره غيرها , ومات علي الأغلب غيلة قبل ان يحقق مراده من نظم القصيدة كما يزعم هذا إن صح نسبها وكانت مولوداً شرعياً لدوقلة المنبجي .
وهي يتيمة من حيث معانيها ووصفها وإن إقتربت من الوصف المادي الذي خلا من صف معاناة العاشق وربما يدل علي وصفه المثالي علي أنه لم ير دعد قط .
وقد لا يعرف عن شاعرها سوي إسمه .
قصيدة اليتيمة ظلت عصوراً مجهولة لا يعرف اسم شاعرها فمنهم من نسبها للشاعر العباسي علي بن جبلة الذي قتله المأمون ومنهم من قال أنها لأبي نواس الشاعر العباسي الذي اشتهر بالخمر والمجون ومنهم من نسبها لدوقلة المنبجي... وهو شاعر لم يذكر في كتب الأدب ولم يعرف له سواها ومنبج مدينة بالشام نشأ فيها الشعراء مثل أبو تمام و البحتري وأبو فراس الحمداني و اليتيمة تنطق بشاعرية شاعر أصيل , تفنن في وصف محبوبته (دعد) فلد صورها ورسمها حتي يبدو للقارئ أنه يراها من دقة الوصف ... وهي قصيدة رقيقة وعذبة وقد احتوت علي كل العناصر للقصيدة العربية التقليدية من وقوف علي الأطلال ووصف المحبوبة والشكوي من الهجر والصدود والفخر والكبرياء .
ويحكي أن الأميرة دعد قررت الزواج ممن يكتب فيها أجمل قصيدة غزل فبدأ الشعراء بالتوافد من كل حدب وصوب ومنهم دوقلة المنبجي ولكن لم يصل دوقلة لقصر الأميرة بخلاف قصيدته التي وصلت وذلك أن دوقلة إلتقي شاعراً آخر وهو في طريقه إلي اليمن وكان الشاعر الآخر قاصداً الأميرة دعد أيضاً وعندما عرف كل منهما أنهما ذاهبان لمقصد واحد طلب الشاعرالآخر من دوقلة أن يسمعه ما كتب بدعد و هذ الشاعر كان من الحجاز فأسمعة دوقلة القصيدة وكان من صفات الشعراء العرب ما يسمي (باللسليقة) أي أنه يحفظ قصيدة من إلقاء واحد فأعجب الشاعر الحجازي بالقصيدة وأدرك أنها القصيدة الفائزة بزواج دعد لا محال فقام بقتل دوقلة وتابع الطريق إلي قصر دعد .
وعندما وقف الشاعر الحجازي وألقي قصيدته علي مسامع الأميرة دعد و قد كانت تعلم أنه من الحجاز لتعريفه بنفسه قبل إلقاء القصيدة ........وقفت الاميرة دعد وقالت : اقتلوا قاتل زوجي .
وقد عرفت أنه ليس قائل القصيدة من كلمة في القصيدة لا تقال في الحجاز ولكن يوجد في الحجاز كلمة أخري بنفس المعني والوزن الشعري فلا يبرر إستخدامها إلا أن لا يكون هو قائلها و استنتجت قابل قائلها وقام بقتله ليسرق قصيدته .
ومن الجدير بالذكر أن هذة القصيدة يحذف منها بيت من الشعر وذلك بسبب أن البيت يعتبر فاضحاً لإحتوائه علي الإسم السادس في اللغة العربية والذي لا يذكر في مناهجنا الدراسية أيضا فكلنا يعرف أن في اللغة العربية هناك فقط الأسماء الخمسة والأسم السادس هو (هَنُ) ويمكن البحث عن المعني في القاموس: والبيت المحذوف هو
ولها هن راب مجسته .... وعر المسالك حشوه وقد
والقصيدة من بحر الكامل. (اليتيمة)
هل بالطلول لسائل رد ... أم هل لها بتكلم عهد ؟
درس الجديد جديد معهدها ... فكأنما هي ريطة جرد
من طول ما يبكي الغمام علي ... عرصاتها ويقهقه الرعد
وتلث سارية وغادية ... ويكر نحس بعده سعد
تلقي شامية يمانية ... ولها بمورد ثرها سرد
فكست مواطرها ظواهرها ... نوراً كأن زهاءها برد
تندي فيسري نسجها زرداً ... واه..ي العري ويغره عقد
فوقفت أسألها وليس بها ... إلا المها ونقانق ربد
فتناثرت درر الشؤون علي ... خدي كما يتناثرالعقد
لهفي علي دعد وما خلقت ... إلا لطول تلهفي دعد
بيضاء قد لبس الأديم أديم ... الحسن فهو لجلدها جلد
ويزين فوديها إذا حسرت ... ضافي الغدائر فاحم جعد
فالوجه مثل الصبح مبيض ... والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما إستجمعا حسنا ... والضد يظهر حسنه الضد
وجبينها صلت وحاجبها ... خت المخط أزج ممتد
وكأنها وسنى إذا نظرت ... أو مدنف لما يفق بعد
بفتور عين مابها رمد ... بها تداوي الأعين الرمد
وتجيل مسواك الأرائك علي ... رتل كأن رضابه شهد
والجيد منها جيد جوذرة ... تعطو إذا ما طالها المرد
وكأنما سقيت ترائبها ... والنحر ماء الورد والخد
وامتد من اعضادها قصب ... فعم تلته مرافق ملد
والمعصمان فما يري لهما ... من نعمة وبضاضة ند
ولها بنان لو أردت له ... عقدا بكفك أمكن العقد
قد قلت لما أن كلفت بها ... واقتادني في حبها الوجد
إن لم يكن وصل لديك لنا ... يشفي الصبابة فليكن وعد
قد كان أورق وصلكم زمنا ... فذوي الوصال وأورق الصد
لله أشواق إذا نزحت ... دار بنا,ونبا بكم بعد
إن تتهمي فتهامة وطني ... أو تنجدي إن الهوي نجد
وزعمت أنك تضمرين لنا ... وداً فهلا ينفع الود
وإذا المحب شكا الصدود ولم ... يعطف عليه فقتله عمد
ونخصها بالود وهي علي ... ما لا نحب , وهكذا الوجد
أو ما تري طمري بينهما ... رجل ألح بهزله سهد
فالسيف يقطع وهو ذو صدأٍ ... والنصل يفري الهام لا الغمد
لا تنفعن السيف حيلته ... يوم الجلاد إذا نبا الحد
ولقد علمت بأنني رجل ... في الصالحات أروح أو أغدو
برد علي الأدني ومرحمة ... وعلي المكاره باسل جلد
متجلبب ثوب العفاف وقد ... وصل الحبيب وأسعد السعد
ومجانب فعل القبيح وقد ... غفل الرقيب وأمكن الورد
منع المطامع أن تثلمني ... أني لمعولها صفا صلد
فأظل حراً من مذلتها ... والحر حين يطيعها عبد
آليت أمدح مقرفاً أبداً ... يبقي المديح وينفذ الرفد
يهات يأبي ذاك لي سلف ... خمدوا ولم يخمد لهم مجد
فالجد ك..ندة والبنون هم ... فزكا البنون وأنجب الجد
فلئن قفوت جميل فعلهم ... بذميم فعلي إنني وغد
أجمل إذا حاولت في طلب ... فالجد يغني عنك لا الجد
وإذا صبرت لجهد نازلةٍ ... فكأنما ما مسك الجهد
ليكن لديك لسائل فرج ... إن لم يكن فليحسن الرد
وطريد ليل ساقه سغب ... وهنا إلي وقاده برد
أو سعت جهد بشاشة وقري ... وعلي الكريم لضيفه جهد
فتصرم المشتي ومربعه ... رحب لدي وعيشه رغد
ثم إغتدي ورداؤه نعم ... أسارتها وردائي الحمد
ياليت شعري , بعد ذلكم ... ومحال كل معمر لحد
أصريع كلم أم صريع ضني ... أردي؟ فليس من الردي بد
( نقد القصيدة )
تأملات ورؤية جديدة فى شعر الشاعر الذى قتلته قصيدته
(( القصيدة اليتيمة ))
وقد أرى أن بناء القصيدة ورصانة أسلوبها وصدى مفرداتها وعروبة وعزوبة وجزالة ألفاظها ونسبة عصرها انما تتسق وتتضافر لتشير الى المتنبى , والمتأمل فى شعر المتنبى يكاد ألا يبذل جهدا حتى يضعها بين قصائده , فتجد مكانها ومكانتها حتى لو لم تكن من شعره وقد يكون والله أعلم أنه لا يبتعد بعدهذا أن تكون لاى ممن سبق سرده من الشعراء أو للمنبجى دوقله ابن عصر المتنبى وجار داره
وأيا كان قائلها فلا شك انها من درر وعيون الشعر العربى ولا شك كذلك فى مولدها فى عصرها المشار اليه لتضافر الدلائل وتشابه المعانى وتوجهها الى بنات عصرها ,,
وهى أيضا شأنها شأن كثير من قصائد عصرها المفقود منشأها .. تتنازعها أبوات كثيرة .. كما يحلو للبعض اضافة بعض أبيات أو بيت يتفق وزنا وقافية ويتسق لفظا ويتحد مبنى ومعنى مع مبناها ومعانيها إلا أن ما أضيف من بعض أبيات لهذه القصيدة لا يتفق في المبني او المعني لها ..
وأكاد أنتزع هذين البيتين اللذين أضافوهما الى هذه القصيدة
ولها هـن راب مجستـه.......... وعر المسالك حشوه وقـد
فإذا طعنت طعنت في لبـد.......... وإذا نزعـت يكـاد ينسـد
فالبيتين يشيران الى تبذل وتدنى فى غزل حطيط ووصف رخيص لا يكون من غير متبذل سكران وهو مالا يتفق ورقى اسلوب القصيدة وعفة معانيها ونبل قصدها كما ورد بالقصة من انه انما ذهب للزواج منها كما ان الموقع الاجتماعى للمحبوبة والتى تدور ابيات القصيدة عليها لا يسمح أبدا بأن يمر على الخيال ان يتجرأ وقح سكران بأن يلقى على مسامعها وعلى مرأى ومسمع من أبيها ومن الحاضرين للسماع والتحكيم ..مثل هذة البذاءات.. خاصةً أنها وأبيها من ذوى القدر والجلال فى مجتمعهم واضح من كونها أميرة .. وكونها عالية الثقافة عالمة بلغة العرب وفنونها وآدابها والذى قمته القصيدة أو الشعر .. العربى .. وفى مجتمع تقوم الحروب فيه .. ويقع القتلى وتسال الدماء عند خدش الشرف أو التعرض للعرض :-
ثم لو أتينا من باب الموقع الشعرى .. أو جرس وإيقاع ترابط الترتيب والإرتباط اللفظي معني وأدباً لأبيات القصيدة لنحاول أن نبحث عن مكان البيتين المنتزعان منه فلن نجد مكانا أبدا يسمح بأن يكون هو موضعها .. أو بيت يكونان فيه التاليان له...الا البيت القائل
ولها بنان لو أردت له ............عقدا بكفك أمكن العقد
فالذى قبله يتحدث عن المعصمان والذى بعده نحى منحى بعيد .. فإذا وضعناها هنا لا وليس لهما مكان آخر يمكن وضعها فيه إلا أنهما سينفران بل ويطردان من موقعهما وسيشار إليهما بالشذوذ في موضعهما بل وأي موضع بالقصيدة .. ولقد ترك وصف القد ليصف حالته من الوجد والكلف بها فيقول
قد قلت لما كلفت بها ............وأقتادنى فى حبها الوجد
وعليه فلا بد لكى يقع البيتان موقعهما وليتسقا مع الأبيات القصيرة وليكونا وحده بنائية وإندماجية ضمن أبياتها لابد أن ينزل بالوصف من المعصم الى الخصر ثم بعدها الردف .. ثم الأفخاذ إلى ان يصل لهذا الموضع المستقبح ذكره من كل أديب أريب والممجوج من كل صاحب ذوق والمكروه وقعه على الأذن العاشقة للفظ الأدبى أو الشعرى ثم ليكون هذا كان عليه أن يصف النهد ضمن منظومة أستثارة الغرائز بهذا الشكل القبيح – وكيف يصل الى هذا الانحطاط رجل عف حتى عن ذكر النهد فنزل مباشرة من الشعر والوجه الى جمال لآلىء فمها فالرقبة الى المعصم .. وهو فى كل هذا يمر بوصف ساحر مجمل مفصل دون خدش للحياء أو جرح للمشاعر وهل يخرج هذا من رجل يقول على نفسه فى ابيات لاحقه من نفس القصيدة
ولقد علمــــت بأننى رجل ............ فى الصالحات أروح وأغدو
سلم على الأدنى ومرحمـة.......... .. وعلى الحوادث هادن جلـد
متجلبب ثوب العفاف وقـد .......... .. غفل الرقيب وأمكن الـورد
ومجانب فعل القبيـح وقـد ….......... وصل الحبيب وساعد السعد
فشاعر يقول هذا ويلبس ثوب العفاف حتى لو أختلى بمحبوبته ولا أظنه غير أنه يذكرها بموقف بينهما وانما بدأ البيت بقوله ولقد علمت ولم يقل ولقد علمتى حتى يبتعد بالمظنة عنها بإيهام مخاطبه المذكر.. فتلمحها هى دون غيرها وتذكره دون أن يشعر أحد من الحاضرين ثم يواصل الشاعر وتواصل معه أبيات القصيدة اثبات ما أخترناه , فهو يذكر هذا مفاخرا به ويؤكد على أن جذوره ضاربة فى اعماق العفاف وانه وارث له كابر عن كابر فتسمعه يقول
منع المطامـع أن تثلمنـي .......... إني لمعولهـا صفـا صلـد
فأروح حــــراً مـن مذلتهـا ........... والحر حين يطيعهـا عبـد
أى حين يطيع هواه فيسقط فى وحل النواقص
ثم أسمعه فى البيت الذى يلى هذا فى قوله
هيهات يأبى ذاك لي سلـف.......... خمدوا ولم يخمد لهم مجـد
فهو يقول ويفتخر بأنه من أسلاف دعاة للمجد والفضائل وهم وان كانوا قضوا نحبهم إلا أن مآثر مجدهم وشرفهم مازالت حية مذكورة , فهل بعد هذا يقول قائل أن البيتين من نسجه لا والله ولنأت لما بعده بل وأن موروثهما الخلقي يمنعه من أن يسقط فى هوه مالم ينشأ على غيره من الخلق القويم فأجدنى لا أتفق مع المقدمة التى قالت بأن الشاعر لم يرها ولم يعرفها بل تدل لوعة الأسى وإشارات المواضع وآهات العاشق على أن الشاعر على علم بل وسبق لقاء ووعد وحلم بالزواج من محبوبته وهو ملموح بين كافة أبيات القصيدة من أولها إلى آخرها مسردا لوصف دقيق وإشارة إلى سبق لقاء.
فلنجيل النظر فى قوله
فوقفت أسألها وليس بهـا ......... إلا المها ونقانق ربدُ
فتبادرت درر الشؤون على .......... خدي كما يتناثر العِقد.
لهفي على دعد وما خلقت ......... إلا لطول تلهفي دعد
فهل لا يشير هذا الى سبق معرفة بل و سبق لقاء ولا يقل قائل إن هذا من أركان القصيدة العربية أى البكاء على الأطلال فنقول نعم ولكن لكل باك ذكرى تستثير بكائه وهو واضح فيما تلاه من وصف فى قول الشاعر
بيضاء قد لبس الأديم أديم.......... الحسن،فهو لجلدها جلـد
ويزين فوديها إذا حسرت.......... ضافي الغدائر فاحم جعـد
فالوجه مثل الصبح مبيض.......... والشعر مثل الليل مسـود
ضدان لما استجمعا حسنا......... والضد يظهر حسنه الضـد
وكأنها وسني إذا نظـرت.......... أومدنف لمـا يفـق بعـد
بفتور عين مابهـا رمـد.......... وبها تداوى الأعين الرمـد
وتجيل مسواك الأراك على.......... رتل كأن رضابـه الشهـد
وكأنما سقيت ترائبها ................ والنحر ماء الورد والخد
والمعصمان فما يرى لهما.......... من نعمة وبضاضة زنـد
ثم يذهب الى وصف البنان وأنه كلف بحبها وأشتد به الوجد إلى ان يأتى الدليل ,,, الذى لا يقبل غير التسليم بأنه إنما رآها بل وكان بينهما تبادل على درجة عالية من العشق العفيف أو العشق العذرى
فتأمل الأبيات الآتية
إن لم يكن وصلٌ لديك لنا.... يشفي الصبابة فليكن وعد.
قد كان أورق وصلكم زمنا... فذوى الوصال وأورق الصَدُ.
لله أشواقي إذا نزحت ............دار بنا ونبا بكم بعد.
إن تتهمي فتهامة وطني ......أو تنجدي إن الهوى نجد
وهنا فقد أشارت الأبيات الى مواضع التقابل واللقاء وقد نزحوا ونبا البعد بعد اللقاء ويبدوا أنهما العاشق والمعشوقة كانا يخضعان لإملائات ومفردات عصرهما من التنقل فى الصحراء الشاسعة من تهامه الى نجد الى شام إلى يمن حسب القواعد الحياتية المصاحبة لذلك الزمان .
ثم يأتى الدليل الذى كفلق الصبح عند دخوله
وزعمت أنك تضمرين لنا......... ودَاً ، فهلا ينفع الود!
الى قوله
نختصها بالحب وهي على .......ما لا نحب فهكذا الوجد؟
ثم يتم الشاعر العف باقى أبيات قصيدته مفاخرا ومذكرا إياها بكريم أصله وبعفته وبما كان منه حين أختلى بها وبأنه ابن لأسلاف سمو بعفتهم وهو يحافظ على مجدهم وشرفهم وهو ميراث عظيم يأبى أن يلوثه وهو واضح فى قوله
فــلئــن قفــوت جميــل فعلهمو .......... بذمـيـم ِ فــعلــي ، إنني وغــدُ
ولهذا فإننى لا أظن بل أكاد أجزم أنها لما قالت أقتلو قاتل زوجى.. وأحالها الدارسين والباحثين إلى فراستها وفطنتها أو إلى قولة مشهورة هنا (فى الشام ) أو غير معلومة هناك (فى الحجاز) فهو قول مما يضفيه خيال الناس على واقع قصصهم أو أساطيرهم ليعطوها قدر من التشويق والتجميل وليعلوا بها ذكر مشاهيرهم أو حرائرهم وختاما فإننى أميل إلى أن القصيدة على الحقيقة للمنبجى وأنه كان على علاقة وثيقة وسابق لقاءات مع الأميرة أثناء تجوالهم وانه كان شهما عفا شريفا معها فى اختلاس لقاءتهما بعيدا عن عيون المتربصين وأنها أنما لجئت لحيلة تقنع بها أبيها من الزواج من هذا الوفى دون أن يشعر أبيها الأمير أو الملك المحب للشعر والأدب المفاخر بأبنته الملبى لطلبها والذى فى نفس الظرف يرفض حسب قواعد البيئة ان تكون هناك أدنى علاقة لأبنته قبل الزواج , ويبدو أن الأميرة كانت شديدة الذكاء عالمة بأحوال وظروف المجتمع التى تنطبق أول ما تنطبق عليهم كون أبيها أميرا لجماعتهم وكبيرا لعشيرتهم فكان منها ما كان إلا أنها فوجئت بسارق ,قاتل جاء يلقى على مسامعها ما تعرفه بل وربما قد سمعته أو شىء منه عند لقاءاتهما هى و محبوبها والتى كانت تعلم علم اليقين أن الإختيار واقع عليه لأنها ستقبله وستؤثره على الحاضرين فى إختيار شعره وأنه زوجها الذى إختاره قلبها وفضح ستره شعر حبيبها وكان لابد ان تتمالك نفسها وتكتم صرختها حتى ينتهى الوغد من إتمام القصيدة لتصرخ مكلومة
(( أقتلوا قاتل زوجى )) وليتكلم الناس عن فراسة وذكاء الأميرة دون إتهامها
ولتمر القصة من أمام أعين أبيها دون تحسس أو إستشعار شك فى أميرته المحبوبة ..
ولسوف تنزوى الأميرة مع أحزانها وعلى أحزانها وبأحزانها إلى ماشاء الله لها والله اعلم.
[/size]