فجأة لمع اسم «مصطفى زكريا» في عالم الصحافة بعد أن نشر تحقيقًا استقصائيًا بجريدة «الصباح» المصرية، زعم فيه – والزعم هنا يحتمل الصدق أو عدمه – أنه اخترق ميليشيات الإخوان الإلكترونية، وكشف تفاصيل خطة الجماعة لتشويه الرموز السياسية .
واشتعلت الفضائيات بالمادة الدسمة التي هبطت عليها من السماء، وولعت مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مؤيد ومؤكد، وبين معارض ومكذب، لكن الشيء اللافت للنظر أننا أصبحنا نملك سمعة غير طيبة في عدم إكمال ما نبدأه.. فكيف ذلك؟
أولًا: تلقى الزميل الصحفي كمًا «معتبرًا» من السباب والشتائم والاتهامات بالكذب والفبركة.. و«بس» خلاص!! لم أسمع أن حزب الحرية والعدالة رفع عليه قضية إساءة، ولم أعرف أن «جماعة الإخوان» أقامت ضده دعوى بالسب والقذف والتشويه؟!.. يا ناس.. يا عالم ما نشره الشاب خطير.. ويطعن الجماعة في أعز ما تملك ويتهمها بالتزوير والتحايل لتشويه الرموز السياسية التي لا تتفق معها،.. ألا يستحق ذلك أن تتحرك جيوش محامي الإخوان، وهي التي تسارع إلى تقديم عشرات البلاغات إلى النائب العام ضد إعلاميين أتوا بأفعال أقل «إيلامًا» بكثير من الشاب مصطفى؟ !
ثانيًا: ما هذا التسامح الإنساني، والتسامي الوجداني الذي تتمتع به «الرموز السياسية» التي ذكرها الزميل الاستقصائي بالاسم في تحقيقه، وطلب منها السماح والعفو عما فعله بها من تشويه أثناء فترة «اندساسه» في تلافيف اللجان الإلكترونية للإخوان؟ ولماذا لم يسارعوا لتقديم بلاغات لسيادة النائب العام مستشهدين بما كتبه، وداعينه هو شخصيًا للشهادة؟ أم أن الأمر لا يعنيهم؟
ثالثًا: على الرغم من أن نقابة الصحافيين لم تتلق أي بلاغ أو شكوى ضد أيٍ مما جاء في التحقيق الصحافي المثير والمميز، إلا أن واجبها كان يقتضي الاتصال بالزميل مصطفى زكريا والتثبت منه حول صحة ما سطره قلمه، وبناءً على ما تصل إليه، تعلن حمايته ودعمه والوقوف إلى جواره إذا تعرض لأي اعتداء أو تهديدات،.. أو تتبرأ من أفعاله إذا ثبت عدم صدقه .
إن ما جاء في التحقيق الصحافي الاستقصائي للزميل خطير.. وخطير جدًا، وينبغي ألا يمر مرور الكرام واقرأوا معي جزءًا يسيرًا منه، لتعرفوا حجم خطورته .
يقول مصطفى زكريا: «خلال شهرين من العمل بالصفحات الإخوانية، أو بالأحرى «اللجان الإلكترونية» خضعت إلى عدد من الدورات المتقدمة في «الفوتوشوب» أو بالعربية «تركيب الصور» وبعبارة أدق «التزوير»، وأيضًا دورة على كيفية اختراق حسابات المعارضين الـ«هاكرز»، على صفحات التواصل، وقيل لي وقتها: إنها حرب بين الكفر والإيمان، ونحن نحارب القوم الضالين بسلاحهم، وقد انتسبت إلى إحدى هذه الدورات في 22 يناير الماضي، بمقر شبكة إخبارية، تابعة لجماعة الإخوان، ومقرها بجوار السفارة الباكستانية بالدقي .
وفيما يتعلق بالصفحات التي تهاجم الإخوان، فإذا كانت تنشر معلومات مغلوطة، فهجوم الهاكرز كفيل بالقضاء عليها، أما في حال كانت على الصفحة مستندات حقيقية تمس الجماعة، فلابد من البحث عن «الأدمن»، ومن ثم تهديده ليتوقف عن النشر .
وفي حال تقرر استخدام أسلوب «القرصنة الإلكترونية» للقضاء على صفحة ما، يتم الاتصال بكل اللجان الإلكترونية داخل وخارج مصر، بما يضمن نجاح المهمة بأسرع وقت ممكن، وبعد الانتهاء من العملية، كثيرًا ما يبدأ أحد أعضاء الإخوان في التكبير، ومن ورائه يردد الآخرون .
انتهى كلام مصطفى.. لكنه فتح جروحًا عميقة عما يحدث في هذا «الفضاء الإلكتروني» الذي كنا نعتقد أنه عالم عادل يقول فيه كل شخص ما يعتقده، ولكن يبدو أن الحقيقة تحتاج إلى الكثير من الشجاعة.. والشجعان .
والمؤكد أيضًا أن «الحقيقة» فيه لها وجوه كثيرة .
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء .