أعلن الرئيس مرسي الحقيقة عندما قال إنَّ الثورة من صنع الله ولا دخل لأى إنسان فيها ورغم أن هذه الحقيقة لا تحتاج إلى دليل إلا أنها تكشف وعلى أرض الواقع أن كل مَن توهموا أنهم هم الذين فجروا الثورة أو كانوا أصحاب الفضل في قيامها تحولوا إلى أعداءٍ للثورة وهم الآن يقودون ثورة ضد الثورة. هم بالفعل كانوا الأدوات والأسباب إلا أن إرادة الله وهي فوق كل إرادة هي التي أزاحت الرئيس الطاغية وهي أيضًا التي رجحت قوة الرئيس مرسي وبأيدي أعدائه، خاصة أنه لم يسع للمنصب ولم يخطط له وإنما قبل المهمة باعتبارها واجبًا ساقه الله إليه، وهو الوحيد القادر – جل جلاله – على الحفاظ على الرئيس ولو انقلب عليه المنقلبون حتى من بين أهله وعشيرته.. ولن يغادر الرئيس قصر الرئاسة إلا إذا أراد الله.. أعتذر لأنني أشعر أني لا أضيف جديدًا لكن ربما تكون في الإعادة إفادة.
الرئيس مرسي هو عبارة عن إنسان بسيط يخطئ ويصيب لكنه يتميز على أسلافه بأنه إذا أخطأ مرة فإنه سوف يحاسب على خطئه مرتين، مرة أمام الناس ومرة أمام أخرى أمام الله، وإذا أفلت من عقاب الناس لن يفلت من عقاب الله لأنه وعلى حد قوله لا يخشى أحدًا إلا الله ولا يخاف فى الحق لومة لائم..
لكن الرئيس مرسي بالفعل يواجه مأزقًا – لأن عليه أن يواجه تحدي الفشل قبل تحدى تحقيق النجاح ليس مهمًا أن ينجح المهم ألا يفشل لأنه لولا الثقة في فشله ما أصبح رئيسًا.
أزمة الرئيس مرسي تكمن في أنه يتميز بأنه رئيس لا يكتفي بأن يوضع اسمه أمام خانة الديانة في البطاقة لإثبات أنه مسلم مثل أسلافه جميعًا وبلا استثناء ومثل الملوك والرؤساء والعرب المسلمين ولكنه يراها فرصة تاريخية ليس للهيمنة وإنما لتقديم النموذج الإسلامي الحضاري للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.. وبالفعل فإن الرئيس يقدم الدلائل كل يوم على أن الشريعة الإسلامية هي العدل وأن الإسلام لا يشكل أى تهديد لأي ديانة سماوية أو غير سماوية وإنما يعطى الحماية لكل الناس بصرف النظر عن عقائدهم وأديانهم وأيديولوجيتهم بل ويقدم الحماية لكل الخارجين الذي يستخدمون العنف أجل التغيير.. مدَّ الرئيس يده إلى الخاسرين أمامه فى الانتخابات لكنهم رفضوا وعلى طول الخط ورغم ذلك لم يسع للتطهير لأنه لا يؤمن بالإقصاء، الناس تطالبه بأن يغضب لكنه يقول إنَّ الغضب من الشيطان.. الناس تطالبه بإعلان الحقيقة لكنه يؤمن بأن حجب الحقيقة على مصلحة العامة أفضل كثيرًا من تزييف الحقيقة.. ويبدو أن هذا الرجل قد أثبت لما كشفت خطاباته الأخيرة أنه ليس سهلاً فإن التحدى الأول الذى يشغله هو أن يثبت لكل بلاد الدنيا أن مستقبل مصر أم الدنيا سيكون في ظل الحكم الإسلامي أفضل وبكثير من الحكم العلماني أو الحكم العسكري.
