لعل أخطر تداعيات استقالة وزير العدل ومن بعده مستشار الرئيس وهما قاضيان أنها كانت بمثابة نفير لحرب شنتها القبيلة القضائية ضد القبيلة الإخوانية تحت دعوى مذبحة وهمية.. والأخطر أن عصبية القبيلة القضائية هزت استقامة ونزاهة القاضي الذي غض الطرف عن الفساد لا لشيء إلا لأنه يطول كبير أفراد العائلة التي تحولت بالفعل من سلطة قضائية إلى سلطة سياسية تصدر حكمًا بالإعدام على البرلمان القديم، ثم تصدر حكمًا آخر بوقف انتخابات البرلمان الجديد، ثم تقوم بتوجيه إنذار شديد اللهجة إلى مجلس الشورى اليتيم الذي طال عمره - وهو قصير- لا لشيء إلا بسبب تأجيلها للانتخابات.. وفي النهاية تطلب الغطاء الأمريكي بدعوة أوباما للتدخل في الشأن المصري بصراحة لم يبق -ومن حقنا أن نمعن في الخيال - لم يبق سوى أن يقوم أعضاء الجمعية العمومية للقضاة باحتلال مقاعد البرلمان بعد طرد أعضائه الفاقدين للشرعية ليكونوا هم المشرعون ومصدرو الأحكام ليس من منصة القضاء فقط وإنما تحت القبة أيضًا. لكن السؤال.. كيف تسلل فؤاد جاد الله إلى المنصب الخطير رغم أنه خلية نائمة لجبهة الإنقاذ في الرئاسة كما قال الزميل الكاتب عبد الفتاح طلعت في بوابة الأسبوع الإلكترونية الجديدة؟ هل هي مهارة الخداع والقدرة على تسويق الذات بالإقناع بما ليس فيها من صفات؟ وما هو السبب الحقيقي غير المعلن وراء الاستقالة؟ وهل هناك عروض لاستخدامه في وظائف وأغراض مهمة خاصة أنه يتميز بأنه كان أحد أفراد المطبخ السياسي للرئيس الذي يعرف كل ما يجري في الكواليس؟.. مجرد تساؤلات لا أعتقد أنها تغيب عن صناع القرار.. الذي يتحمل الرئيس مرسي وحده مسئوليته أولًا وأخيرًا.. رغم أن اختياره لمستشاره قام على أساس أنه أولًا قاضٍ، وثانيًا ثوري، وثالثًا شاب، ورابعًا بدون لحية، وخامسًا ملامحه وديعة، ماذا يبقى إذن لضمان الاختيار السليم؟ يا مثبت القلب والدين!
أما المستشار مكي فقد اختاره الرئيس وزيرًا للعدل لأنه صاحب التاريخ المشرف في الدفاع عن استقلال القضاء أيام مبارك عندما اختاره قال له قم بتنفيذ ما كنت تحلم به.. لكن الشيء الأغرب من الخيال أن وزير العدل يرى أن من العدل العفو عن مبارك. لم تشفع له الاستقالة حتى عند من استقال من أجلهم والذين اتهموه بأنه أسوأ وزير للعدل في تاريخ مصر.. لعن الله ساس ويسوس وسائس ومسوس.
وفي النهاية عزيزي القارئ: لا تخش على رئيس يراجع نفسه ولا يتردد في الكشف عن أخطائه وعيوبه لأنه بذلك يطهر روحه ويجدد خلاياه أولًا بأول ومن ثم يحافظ على حيويته وشبابه.