في فجر يوم 31 مارس 1841م فوجئ الشيخ محمد عرابي شيخ البلد لقرية هرية رزنة بالشرقية وهو يتوجه لصلاة الفجر بصوت زوجته الحاجة فاطمة وهي تعاني من آلام الوضع فقام بتهدئتها واستأذنها في صلاة الفجر وبعد الصلاة وعلى باب المسجد كانت البشرى.. الحاجة فاطمة ولدت "ولد" والنبي "ولد" على حد العبارة العفوية على لسان السيدة التي زفت البشرى، وفعلاً أثبتت الأيام أن أحمد عرابي الذي سماه والده أحمد حمدًا لله كان ولدًا بحق وحقيقي.. فهو أول من وضع البذرة الثورية في التربة المصرية الوطنية لكن الخونة المصريين من أعوان الاستعمار والذين أنجبوا لنا أحفاد الاستعمار الجدد نجحوا في تمكين الاستعمار الإنجليزي من احتلال مصر وعلى أنقاض أول ثورة شعبية يقودها فلاح ابن فلاح.. وبعد أيام بات كل من لعبوا دورًا في الخيانة سادة وكل من لعبوا أدوار البطولة في قاع السجون..
من المفيد لنا الآن أن نرصد وقائع القمع والإفشال لأول ثورة شعبية هزت عرش مصر على النحو التالي:
في ليلة يوم الاثنين الموافق 28أغسطس عام 1882م وبعد هزيمة الإنجليز في معركة "القصاصين" فاجأوا أحمد عرابي ورجاله بتوزيع منشور رسمي كان له بعض التأثير في بعض أمراء العسكريين يقول المنشور إن الدولة العلية السلطانية تطالب الجيش بإلقاء السلاح لأن الثورة تخالف الشريعة الإسلامية ومضادة لها بالكلية" إلا أن أحمد عرابي واجه ناظر الجهادية "وزير الدفاع" قائلًا إن الثورة على الطغيان ومقاومة الاستعمار لا تحالف أحكام الدين الإسلامي إننا نقاتل أعداء المسلمين الذين يريدون أن يستولوا على بلاد إسلامية وأن الجهاد في سبيل الله وفي سبيل حماية الدين والمال والوطن فرض واجب.. وأن سلطان المسلمين لا يسمح بمثل هذا المنشور وإنما هو دسيسة إنجليزية تمكنوا من إنفاذها بواسطة الرشوة.. ولو فُرض وصدر مثل ذلك من سلطان المسلمين لوجب على المسلمين خلعه لمخالفته لأحكام الدين.
في ساحة عابدين خضع الخديوي توفيق ومن خلفه المستركوكس القنصل الإنجليزي في الإسكندرية والجنرال جولد سميث مسئول الدائرة السنية لطلبات أحمد عرابي الذي كان راكبًا جواده وسيفه في يده ومن خلفه 30 ضابطًا مصريًا لتسقط الحكومة ويختار أحمد عرابي رئيسها الجديد شريف باشا الذي عقد اجتماعًا مهمًا عقب توليه منصبه مع عرابي ورجاله حدد فيه عرابي مسئولية رجال الجيش قائلًا: إننا نعلم أن واجبنا والفروض التي توجبها علينا وظائفنا العسكرية وأعظمها حفظ البلاد ومن فيها ورد شريف باشا قائلًا: إن في عملكم قوة ولا حكومة إلا بالقوة ولا قوة إلا بانقياد الجنود انقيادًا تامًا وامتثالهم امتثالًا مطلقًا وليكن في عملكم ما قاله الأقدمون "آفة الرياسة ضعف السياسة" تلك هي تجربة البطل أحمد عرابي الذي لم يعثروا له إلا على تهمة – مع أنها قد لا تكون – أنه كان يخطط للثورة أثناء حضوره حلقات الذكر بالمساجد.. يا سبحان الله التاريخ لم يعد يكرر نفسه فقط وإنما يكون في بعض الأحيان نسخة طبق الأصل بين ثورتين شعبيتين يفصل بينهما قرن ونصف من الزمان الأولى ثورة فاشلة وهي الثورة العرابية والثانية ثورة متعثرة وهي ثورة 25 يناير.