استقبلت المعارضة التعديل الوزاري الذي تم إدخاله على حكومة الدكتور هشام قنديل بالهجوم والرفض والتنديد كما كان متوقعًا، ولم يكن هناك أحد على الإطلاق يتوقع أن يلقى هذا التعديل أي قبول أو ترحيب من جانب المعارضة أو من أي فصيل سياسي لأنه من المستحيل أن يحدث ذلك طالما يتم تشكيل الحكومة بعيدًا عن الإرادة الشعبية التي تخرج من صناديق الانتخابات وتسند للحزب الذي يحصل على الأغلبية في البرلمان مهمة تشكيل الحكومة.
وستظل حكومة الدكتور قنديل تتعرض للهجوم طوال الفترة الانتقالية المقررة لها إلى أن تتم الانتخابات البرلمانية المتوقع أن تكون في شهر أكتوبر أو نوفمبر القادمين، ما لم يحدث تطور جديد وتصدر أحكام أخرى من القضاء بتأجيل الانتخابات مما يطيل عمر هذه الحكومة، ومن الآن وحتى تتم هذه الخطوة سيكون أمام هذه الحكومة مهمتان أساسيتان إلى جانب مهامها الكثيرة، المهمة الأولى هي سرعة الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول القرض الذي يتم التفاوض عليه منذ فترة والمقدر قيمته بـ 4.8 مليار دولار بوصفها خطوة هامة لتشجيع المستثمرين الأجانب للحضور لمصر والاستثمار بها وانتشال الاقتصاد المصري من الهوة التي يواجهها، أما الخطوة الثانية فهي التحضير والاستعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية المنتظرة بوصفها خطوة مهمة جدًا لإنهاء الفترة الانتقالية التي ما زلنا نعيشها حتى تنطلق مصر إلى أفاق سياسية واقتصادية واسعة وتحقيق الآمال التي يحلم الناس بتحقيقها بعد ثورة 25 يناير.
ورغم أن الشعب المصري الذي يئن ويعاني من الأوضاع المتدهورة سواء في الناحية الاقتصادية أو الانفلات الأمني ينتظر بفارغ الصبر إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة من الأغلبية في البرلمان الجديد ليتنفس الصعداء وتتحسن أحواله المعيشية والأمنية، إلا أننا نلاحظ أن المعارضة وعلى رأسها جبهة الإنقاذ تضع العراقيل أمام الوصول لهذه الخطوة، ونجد بعض قادتها غير مرحبين بإجراء الانتخابات والاحتكام للصندوق، وهو ما رسخ الانطباع السائد عند قطاع كبير من الرأي العام أن المعارضة لا ترغب في الاحتكام للشعب، لأنها لا تثق في أنها ستحصل على ثقته وتحقق فوزًا يؤهلها لتشكيل الحكومة، ولذلك تلجأ المعارضة إلى وضع العربة أمام الحصان وتحاول تعطيل إجراء الانتخابات، في حين نجد فصيل الإخوان المسلمين الذي يتعرض لحملات إعلامية قاسية، ويتعرض نظام حكمهم برئاسة الدكتور مرسي لهجوم شديد، فإنهم يعلنون استعدادهم لإجراء الانتخابات ويسعون لذلك رغم أن كل المؤشرات تؤكد تراجع شعبيتهم وتزايد سخط ورفض قطاع كبير من المواطنين ضدهم، خاصة أن انتخابات بعض النقابات مثل نقابة الصحفيين، وانتخابات الاتحادات الطلابية أعطت مؤشرًا على تراجع شعبيتهم.
ورغم كل الانتقادات والملاحظات على أداء حكومة قنديل إلا أنه يحسب لها أنها حققت انفراجًا جزئيًا في أزمة الوقود واختفت إلى حد كبير طوابير السيارات أمام محطات الوقود، كما لم نعد نسمع عن أزمة البوتاجاز، ولأول مرة يقضى المصريون فصل الشتاء هذا العام بدون أن تشتعل أزمة أنابيب البوتاجاز، كما حققت وزارة الداخلية تحسنًا وإن لم يكن كافيًا في مجال الأمن حيث انخفضت معدلات حوادث قطع الطرق في الأسابيع الأخيرة، رغم أن معدلات الأداء الأمني ليست على الوجه المطلوب والذي يأمله المواطنون، كما أن هناك وزراء مثل باسم عودة حققوا نجاحًا كبيرًا في نطاق عملهم، حيث نجح في مواجهة نفوذ وضغوط أصحاب المخابز، ووفر رغيف الخبز في جميع المناطق، ويسعى لتوفير السلع الاستهلاكية الأساسية بأسعار مناسبة من خلال المجمعات الاستهلاكية.
وأخيرًا نشير إلى ملاحظة هامة على التعديل الوزاري الذي أدخله الرئيس مرسي على حكومة قنديل، حيث تمسك الرئيس بوزيري الداخلية والإعلام رغم تعرضهما لحملات شديدة، وكان من المتوقع أن يتم عزلهما استجابة لمطالب المعارضة وتهدئة الشارع السياسي الغاضب من أدائهما، وهذا التصرف من الرئيس يؤكد أنه أصبح أكثر قوة من ذي قبل وغير متردد في قراراته، ولديه القدرة على الصمود أمام الضغوط والحملات العاتية من جانب المعارضة، وتجلى هذا الأمر أيضًا في تمسكه بالنائب العام المستشار طلعت عبد الله، ليس هذا فقط بل أن الرئيس مرسي نجح في احتواء غضب القضاة الغاضبين، وخرج بدون خسائر من أزمة قانون السلطة القضائية.