عنصرية هذه التي تحدث بها المستشار أحمد الزند.. فما ذنب الطالب النجيب المتفوق الذي سهر الليالي واجتهد في دارسة القانون وتفوق فيه أنه ابن خفير أو ابن جنايني؟!
عبد الناصر كان أبوه "بوسطجي" وصار رئيسًا لمصر وزعيمًا قوميًا لكل العرب، والسادات لم يكن أبوه باشا أو "أفندي".. فماذا جرى الآن لكي يتحفنا رئيس نادي القضاة بتصريحات تقطر ظلمًا وتفرقة ضد أناس بذلوا العرق وطفحت جلودهم حبات الشقاء من أجل تعليم أبنائهم وتوسيدهم وظائف يستحقونها ولا ينبغي حبسها عنهم وحجزها لعائلات بعينها بحجة أن الآباء فيها ليسوا خفراء أو جناينية أو أجراء أو سباكين.. إلى آخر مهن يشكل شاغلوها أكثر من 90% من الشعب المصري.
الزند كان واعيًا بما يقول وليست زلة لسان بدليل أنه أردف وفسر، يقول "لو أن المتقدم للعمل بالنيابة ابن أحد الخفراء النظاميين، فكيف له أن يعطي أمرًا واجب التنفيذ للضابط الذي يعطي الأوامر لوالده الخفير.. هل يستقيم هذا الأمر بالعقل والمنطق؟.. لا يجوز. هناك بعض الرعاع والدهماء يتصورون أنهم أسياد البلد.. بل إن هناك لصوصًا يريدون اعتلاء منصة القضاء".
هل يرى سيادته أن أولاد أكثر من 90% من المصريين رعاع ودهماء ولصوص؟!.. لم أتوقع أن تصل نظرة قاضٍ يتولى منصبًا كبيرًا إلى هذه الدرجة من الاستعلاء والإقصائية والعنصرية وتقسيم الناس إلى أشراف وهم أبناء القضاة، ورعاع ودهماء ولصوص وهم أبناء الخفير ومن في مستواه.
بلاها سن الستين يا سعادة المستشار إذا كان ذلك المطلب العادل سيجعلنا عبيدًا. سبعين أو ثمانين مش حتفرق.. ولا أقولك.. خليها مدى الحياة من أجل عيونك وعيون أبناء القضاة.. ألم يكن حسني مبارك رئيسًا مدى الحياة وهو الذي منحكم هذه الميزة التي جعلتك تستصغر شأن الناس.
أنا واثق أن الزند حالة استثنائية وربما قلة معه، لكن معظم القضاة يخالفون عنصريته ويستهجنون هذه القسمة الضيزى، لإدراكهم أنهم لم ينزلوا من السماء قضاة ولا نزل بهم وحي يوحى. كان آباؤهم خفراء أو فلاحين أو صنايعية وذلك لم يقلل منهم بل زادهم شرفًا ورقيًا وانسجامًا مع منصة العدالة وحقوق المظلومين والكادحين.
الزند لجأ إلى التفرقة العنصرية بين ابن الخفير ومن في مستواه وبين ابن القاضي مقدمًا المعيار العائلي على معيار الكفاءة والتفوق، مخالفًا المعايير الدولية بشأن هذه الوظيفة الخطيرة التي جعلت ألمانيا بعد انهيار سور برلين وإعادة توحيد شطريها تتخذ أول قراراتها الإصلاحية بشطب معظم قضاة ألمانيا الشرقية بجرة قلم، قالت التقارير حينها إن عدد المفصولين زادوا على ألفي قاضٍ، ذلك لأن اختيارهم قام على المقاييس نفسها التي تحدث بها الزند، أي أنهم أما أبناء قضاة أو أبناء مسئولين كبار وشخصيات نافذة، سبيلهم الوحيد الواسطة والمحسوبية على حساب الكفاءة والعلم.
يقول هيوز القاضي في محكمة العدل الدولية: "القاضي غير الكفء هو شر البلية. ما أسوأ المصير الذي ينتظرك على يديه إذا كانت تنقصه الكفاءة في الخلق أو العلم أو في كليهما".
معذرة للخفير والجنايني والصنايعي وكل مهنة شريفة مهما تضاءلت فأنتم أعلى قامة بكفاحكم وتربيتكم لأولادكم وحرصكم على علو شأنهم.
أما سعادة المستشار الزند فأذكره بجملة أحد الأفلام "ابن الجنايني بقى ظابط يا إنجي".. ذلك حدث منذ قيام ثورة 1952 ولم يعد هناك باشا أو بيه فكل المصريين سواسية كأسنان المشط.