واضعين نصب أعينهم هدفًا وحيدًا هو إفشال الرئيس محمد مرسي، يحث قادة جبهة الإنقاذ(الخراب) خطاهم في أوحال مخطط جهنمي وضعت خطوطه العريضة ورسمت ملامحه الأساسية برعاية صليبية أمريكية صهيونية وبعض دول المنطقة، وفي حمى انهماكهم في خطاهم على نهج ذلك المخطط لا يعبأ ولا يكترث هؤلاء إلى ويلات ما يمكن أن يصيب مصر من مآسٍ وخراب وثورة جياع تمحو فوضاها الصورة الناصعة التي سجلتها مصر فوق جبين التاريخ بثورتها المجيدة في يناير العظيم.
ورهان هؤلاء المتآمرين على مصير الوطن يقوم على دعامتين هما أشبه بحربتين منغرستين في جسد الوطن، أولاهما هي حالة عدم الاستقرار السياسي، فيوجهون جهدهم في إصرار عنيد إلى رفض كل فرصة متاحة للحوار وكل مبادرة معتدلة للم شمل الفرقاء السياسيين على مدى اتساع الخريطة السياسية لمصر ما بعد الثورة، فيصرون على التقوقع والانعزال عن نهر السياسة، الذي يشكل الحوار المعنى الحقيقي لمياهه، وبقدر اتساع رقعة الحوار بقدر ما يكون متدفقًا بالخير للبلاد نتيجة تلاقح الأفكار والرؤى بين المتحاورين، فنراهم – في منهج واضح الصهيونية – يفعلون ما يفعله الصهاينة مع الفلسطينيين إزاء كل حوار، فيضعون شروطهم المسبقة للحوار، بل ويذهبون إلى حد إصرارهم اللا منطقي على طلب التحاور – أولًا - حول (أسس الحوار).
وهكذا يوغلون في مماطلتهم، والالتفاف عما تمليه اللحظة السياسية الحرجة من التفاف وتحاور يجري فيه طرح كل الرؤى ليستفيد الوطن من كل فكرة مثمرة.
وأما الدعامة الثانية التي يراهن عليها المتآمرون من أعضاء جبهة الإنقاذ(الخراب) فهي تردي الحالة الاقتصادية إلى درجة تنذر بكارثة حقيقية تنهار معها الدولة انهيارًا مروعًا، هذا التردي الذي تصرخ به كل المؤشرات الاقتصادية في مصر، كما يصرخ به توالي انخفاض التصنيف الائتماني لمصر تباعًا حتى شارف حد الحضيض الائتماني للدولة المصرية، أما في الواقع الاجتماعي فإن دلائل التردي الاقتصادي أفدح من أن تتجاهلها عين مبصرة، فمن انهيار قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية كافة، إلى شح توافر الوقود من سولار وبنزين ومازوت وكافة المحروقات اللازمة لتوفير طاقة كافية لإدارة كل مظاهر الحياة الاقتصادية، إلى الحد الذي تكاد حركة النقل تصاب فيه بالشلل، إلى تقلص كميات السلع الأساسية واشتعال أسعارها بصورة مجنونة، تقلصًا يكاد يهدد حدود المخزون الاستراتيجي للدولة من كل هذه السلع، وهو في مجمله ما يشكل عناصر ضغط على البسطاء والطبقة الوسطى بل والمجتمع بأسره، بما يمثل نذر خطر تهدد بانفجار فوضوي عارم.
فإذا ما أضفنا إلى هذه المظاهر من تردي الحالة الاقتصادية مظهرًا آخر يقف في هامش المشهد الاقتصادي، إلا أن له أثرًا خطيرًا، وهو هروب أو تهريب معظم أموال الأقباط إلى خارج البلاد بأوامر مباشرة أو بتحبيذ غير مباشر من البابا تواضروس، الذي جاء صعوده إلى كرسي شنودة مخيبًا لآمال كل مخلص للوطن كان يطمح أن يبدأ عهد جديد على يديه يكون الشاغل الأول فيه لكل قبطي هو مصلحة الوطن لا الطائفة، إذا ما أضفنا ذلك تتضح فداحة ما يرزح تحته الاقتصاد المصري من أعباء تكفي لتقصم ظهور الاقتصاديات الكبيرة، فما بالنا بالاقتصاد المصري الذي جرى انتزاحه طيلة عقود؟!.
وفي مرونة شيطانية فإن رموز جبهة الإنقاذ(الخراب) يمضون في مخططهم الدنس الذي تبرز واجهته ممثلة في إفشال وإسقاط الرئيس، وتتخفى أعماقه ممثلة في انهيار الدولة المصرية، غير مكترثين بهذا المصير المظلم الذي لا فائز فيه من أبناء الوطن بل الكل مهزوم شر هزيمة، يمضون في هذا المخطط ذي الدعامتين/الحربيتين معًا، فلا يعبؤون بانغراس هاتين الحربتين في جسد الوطن وفي قلب كل مخلص له حريص على نهوضه من كبوته.
والسؤال الفارق الذي يطرح نفسه بقوة على سطور المقال هو: إذا كانت هذه الأفاعيل الشيطانية هي مظاهر حركة جبهة الإنقاذ (الخراب)، وللأسف أيضًا هي دلائل نجاحها في هذا المخطط المسموم؛ فأين هي مسئولية القيادة السياسية وما هو دورها إزاء ذلك المخطط السافر؟!!
إذا كانت حكومة قنديل لا ترى ولا تدرك خطورة المشهد على فداحته فهي – للحق والإنصاف – تكون غير جديرة بما بوأها إياه شعب مصر من مكانة وموقع في قيادتها والعبور بها إلى آمال ثورته المجيدة. ولكننا واثقون من رؤية القيادة السياسية في مصر فخامة الرئيس محمد مرسي لما يحدث في الواقع المصري، وما يحدث من خطوات مخطط جبهة الإنقاذ(الخراب)، فسؤالنا لهذه القيادة هو سؤال يكافئ ثقل الموقف والأزمة: ماذا أنت فاعل يا سيادة الرئيس؟!
وكمواطن مصري لا أنتمي إلا إلى مصر الأرض والوطن والشعب والتاريخ أرى الرئيس مطالبًا بتحرك مضاد لهذا المخطط الصهيوني الشيطاني الذي تسير به جبهة الإنقاذ(الخراب) في خطى متسارعة وتأخذ الوطن للهاوية، ويتحتم أن يكون هذا التحرك على كافة مسارات الأزمة: سياسيًّا: بتفويت كل فرصة على جبهة الإنقاذ(الخراب) للتهرب والتفلت والمماطلة في استحقاق الحوار الوطني الشامل، حتى تتم تعريتها أمام الرأي العام للشعب المصري، فتسقط عنها وعن أعضائها شرعية الوجود السياسي في الشارع المصري.
ثم اقتصاديًّا: باتخاذ خطوات ملموسة لرجل الشارع بصدد توفير احتياجاته الأساسية وطمأنته جديًّا وذلك بالأفعال والقرارات التي من شأنها استقرار الواقع الحالي.
ثم اجتماعيًّا: باتخاذ القرارات الحاسمة المفصلية التي تعلن انحيازها القاطع إلى ملف العدالة الاجتماعية وهو أحد أهم ملفات الثورة المصرية، ولعل أقرب وأبسط مثال على ذلك هو قرار تحديد الحد الأقصى للأجور والمرتبات إن كان الواقع لا يسمح باتخاذ قرار قابل للتطبيق بشأن الحد الأدنى.
ويسير مع كل هذا حتمية مكاشفة معالي الرئيس للشعب بكل ما تحت يده ونظره من ملفات تسمح بالمكاشفة بها حدود ومقتضيات الأمن القومي، ولا يكتفي بالتلميح مع أعداء الوطن، ثم أن يحث سيادته رئيس الوزراء على النهج ذاته من المكاشفة والشفافية وعدم الانكفاء على الذات.