حماس دخلت على الخط لا لتكون الذريعة الجديدة والرهان الاستراتيجي لعودة العسكر في مصر ولكن لتكون الدليل على أنهم بدأوا فعلًا رحلة العودة التي منحها وزير العدل المشروعية القانونية في دولة القانون بعد ما وافق على توثيق توكيلات المصريين التي تفوِّض الجيش أو وزير الدفاع في إدارة شئون البلاد خلفًا لمرسي، وحتى لا يكون كلامنا مرسلًا فإننا نعتمد في قراءة الحقيقة على الوقائع التالية:
هناك قراران سياديان أحدهما وهو الأخير الذي رفض الإفراج عن الفلسطينيين السبعة القادمين من سوريا في طريقهم إلى غزة عبر معبر رفح، أمّا القرار الأول فقد كان على العكس تمامًا لأنه قرر الإفراج عن الفلسطينيين ربما لعدم صحة الاتهامات الموجهة ضدهم بأنهم يحملون خرائط وصورًا لأهداف حيوية في مصر وهو الاتهام الذي وجِّه إليهم صباحًا وتم نفيه ظهرًا في سابقة فريدة من نوعها.. نحن لا ندعي العلم بمن هو صاحب القرار الأول ومن هو صاحب القرار الأخير، لكننا نزعم أنه أصبح واضحًا للعيان أن هناك خلافًا حول حماس من الرئيس ومن الجيش، وأنه تم استغلال فرصة سانحة لتكون حماس هي الورقة الحاسمة والرابحة في سيناريوهات عودة العسكر عملًا لا قولًا.. لذلك لم يكن غريبًا أن تستبق مصادر عسكرية نتيجة التحقيق العسكري في مذبحة رفح وتعلن دون سابق إنذار أنها لن تترك قادة حماس إذا ثبت أنهم تورطوا في الجريمة الشنعاء.. ويبدو أن القيادات العسكرية التي أدلت بالتصريحات ورغم أنها تتميز بالقدرة على سبر غور الحقيقة إلا أنها تأثرت بالحملة الصحفية الكاذبة التي تتهم حماس بالمشاركة في الجريمة دون تقديم دليل قضائي لو كان حقيقيًا لما أهملته التحقيقات العسكرية التي تتلمس الحقيقة وبكل السبل لكشف المجرمين.
ولم يكن غريبًا أيضًا أن موقع «صوت إسرائيل» - وهي علي الخط دائمًا- يعلن وفي ذات التوقيت اتهام ثلاثة من قياديي حماس بالمشاركة في جريمة رفح وصولًا إلى هدفهم الأكبر وهو عودة العسكر.. إسرائيل تتهم حماس ولسان حالها يقول إنه لا يستطيع أحد أن يوجه لها الاتهام بالضلوع في جريمة رفح رغم أنها نموذج كامل الأركان للجرائم البشعة والشنيعة التي ارتكبتها الدولة العنصرية ضد شعب غزة الصامد الذي شاء قدره أن يظل في حالة حصار وتجويع وتركيع في عهد مرسي أيضًا وليس عهد مبارك فقط.
وفي النهاية فإن القضية -كما تؤكد كل السيناريوهات- لم تعد قضية رفح التي استغلها مرسي في الإطاحة بحكم العسكر.. لكن السؤال.. هل تعود رفح من جديد للتاريخ لتكون الوسيلة للعودة ورد الاعتبار للعسكر؟ مجرد سؤال.. ولا نملك في النهاية إلا أن نقول: كل ثورة والحكم المدني المنتخب في مصر بخير.