تحدث يوم أمس الأول 11/4/2013 الأستاذ "هيكل" على قناة "سى بى سي".. عن الإخوان الذين وصفهم بـ"أهل الكهف".. ربما أصاب فى تفسير الأزمة الحالية والمأزق الإخواني، ولكنه ارتبك وتهرب عندما سألته المذيعة: ماذا تقترح على الرئيس مرسى من "حلول" للخروج من "الكهف"؟!
ولاحظت أنه يتحدث عن الإسلاميين فى المجمل بوصفهم "إخوان".. وقال إن الجماعة اختلفت مع الملك فاروق وقتلت.. واختلفت مع عبد الناصر وقتلت.. واختلفت مع السادات وقتلت، واحتفلت مع مبارك وقتلت.
لا أدرى ما إذا كان هذا "الخلط" متعمدًا بسوء نية، أم استنادًا إلى عدم فهم هيكل بالأصول الأيديولوجية والطبقية للجماعات الإسلامية المختلفة والمتباينة، والتى بينها وبين الإخوان مرارات كبيرة.. وصلت حد "الدم"، كما حدث فى التسعينيات عندما قتل الإخوان ناشطًا فى الجماعة الإسلامية بالصعيد، وسافر حينها الشيخ أسامة حافظ لوأد الفتنة بين الجماعتين.
هيكل فى هذا الملف على وجه التحديد، يتبع سبيل "الثقافة العامة" التى ترى الإسلاميين "كتلة واحدة".. وفى لقاء سابق مع النفس الفضائية ومع ذات المذيعة، قال "الأستاذ" إن كل التيارات الإسلامية خرجت من رحم الجماعة!
وهو الكلام الشائع وغير الدقيق، والذى لا يستسهل التوصيف وحسب، إنما أظنه يستهدف "التصفية الجماعية" للإسلاميين، بلا تمييز حال وقعت مواجهة مع السلطة.
الجماعة الإسلامية والدعوة السلفية تأسستا خارج الرحم الإخواني: الأولى على يد المهندس صلاح هاشم فى أسيوط، وضمت نشطاء يساريين كبارًا مثل عصام دربالة وعاصم عبد الماجد.. والثانية تنقسم إلى قسمين: سلفية الإسكندرية، وسلفية القاهرة، وكلاهما لم يخالط أصولهما "جين إخواني" فى المطلق.. الأولى نشأت على يد الشيخ محمد إسماعيل المقدم، وتطورت بشكل مدهش على يد رمزها التاريخى الكبير الشيخ "ياسر برهامي" من حركة "نخبوية علمية" محدودة داخل الإقليم السكندرى، لتكون فى طبعتها الواسعة الانتشار الآن "السلفية الشعبية" التى باتت تعادل الإخوان جماهيريًا.. وتفوقها فى "الإبهار السياسي" اللافت بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وأصبحت "مناط الرهان" فى تأسيس أكبر معارضة للتصدى للنظام الإخوانى الحاكم.
فيما تأسست "سلفية القاهرة" على يد الشيخ محمد عبد المقصود والشيخ فوزى السعيد.. ولم تتطور نحو الاحتفاظ بـاستقلال "العقل السلفي" وتمايزه عن الإخوان ومنافسته على الجماهيرية كما كان متوقعًا.. وإنما باتت الأقرب رحمًا ـ بعد الثورة ـ إلى الإخوان من جهة وإلى "تيار أبو إسماعيل" من جهة أخرى.. ناهيك عن تيار الشيخ سعد عبد العظيم، وتجلياته السياسية "حزب الوطن"، ورئيسه د.عماد عبد الغفور، والذى يمثل الآن "الجناح السلفي" لجماعة الإخوان المسلمين.
الخريطة السياسية للإسلاميين إذن.. تعكس فسيفساء واسعة مختلفة ومتباينة، ومن المؤسف أن يظل هيكل هو نفسه داخل "الكهف" ـ وليس الإخوان ـ فيما لا تفصله عن أعمدة الإنارة إلا بقايا "مشاعر ثأر" تجاه الجماعة، موروثة عن صديقه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، رحمه الله تعالى.
